خالد بن حمد المالك
هذه رسالة من باب التذكير، وليس لأن معاليه يحتاج إلى مثل هذه الرسالة لمعالجة الأزمة في وزارة الإعلام، فالدكتور ماجد القصبي، ذو حس إعلامي عالٍ، وتجربة إعلامية غنيَّة، ومن مدرسة ثرية بقيم وحقيقة الإعلام، تعلَّمها من والده (أول إعلامي سعودي حصل على شهادة الماجستير في الصحافة قبل أكثر من ستين عاماً)، أي أن الوزير المكلَّف للإعلام عاش في بيئة إعلامية مرنة، قريبة من الإعلام، وقد وجد نفسه منذ بواكير شبابه عاشقاً ومنجذباً للإعلام، وكلما كانت هناك فرصة للحديث عن الإعلام ستجده حاضراً بكل حواسه وأفكاره ورؤاه.
* *
هو اليوم، وزير للإعلام بالتكليف بعد ثلاث وزارات قادها إلى التجديد والتغيير ومن ثم النجاح بشكل لافت، فماذا هو فاعل في وزارة مترهلة، وضعيفة في الأداء، وقد سبقه ثلاثة وزراء اختيروا لإنقاذها من الوضع الذي ظلت تعاني منه إلى اليوم، وربما يكون الدكتور القصبي أكثر حظاً من سابقيه في التغلب على معاناتها، وقدرته على هزيمة كل ما تشكو منه، وصولاً إلى تمكينها ووضعها في سكة التقدم نحو الأمام لا إلى الخلف، بما يجعلها صوتاً مسموعاً ومقروءاً ومشاهداً ومؤثراً لنقل رؤية المملكة 2030 بكل تفاصيلها المبهرة إلى العالم، فالمملكة قيادة وشعباً وأرضاً تستحق أن يتعرف العالم على هذا المخزون الهائل من تاريخها وإنجازاتها وعظمة رجالها ونسائها.
* *
وحده الآن د. ماجد القصبي مَن وُضعت الثقة فيه ليكون فرس الرهان، وقائد المرحلة الإعلامية الحالية، وصانع تاريخ إعلام المستقبل في ظل حراك لا حدود له تمر به الآن المملكة العربية السعودية، وسط توقعات بأن القادم سيكون أكثر اندفاعاً نحو تسجيل أرقام ومعدلات إحصائية متقدمة في التجديد والابتكار والتغيير لملامسة جودة الحياة في بلادنا، وتحقيق رغبات وتطلعات المواطنين في وطن مزدهر وقوي وآمن، والمطلوب أمام كل هذا نقل هذه التجربة الثرية إعلامياً ليحاكيها الآخرون في تحليقها عالياً في كل الميادين، أمنياً واقتصادياً وتعليمياً وصحفياً وسياسياً ورياضياً وترفيهياً، وكل ما يمس حياة المواطن ليعيش في سعادة ورفاه وراحة بال.
* *
وزارة الإعلام بوضعها الحالي، حتى مع إمكاناتها الكبيرة، لا تستطيع أن تقوم بدور فاعل، وعمل مؤثر، وهي على ما هي عليه، لكنها مع الوزير الجديد ستكون أمامها فرصة للغوص في عمق أسباب عدم مواكبتها للتطور الذي تمر به المملكة، ومن ثم التعرُّف على أوجه القصور في أدائها، ووضع كل أجهزتها في ميزان التقصي والبحث في أسباب تدني مستوى الأداء الذي تقدمه الآن، وما هو متاح لتكون في المستقبل في وضع أفضل، وذلك من خــلال توفير كــل الأسباب والإمكانــات المهيــأة، وتلك التي يمكن توفيرها لجعل الوزارة ورشة عمل لا تهدأ لصناعة وتسويق إعلام قوي ومؤثر وفاعل يليق بمكانة المملكة، ويجسد الصورة الحقيقية عنها، وسط إعلام عربي وأجنبي كريه ومشبوه وكاذب لا يتوقف عن تزييف الحقائق والتجني على بلادنا كلما كان الحديث عن المملكة.
* *
لقد أضعنا سنوات طويلة، دون أن يلامس مبضع الجراح الماهر هذا الجرح النازف، أو نصل إلى المشكلة - أسبابها وعلاجها - فيما ظل إعلامنا يراوح في مكانه، بينما نرى في دول أخرى أقل منا في إمكاناتها، ودعمها لإعلامها وهي تتفوق على إعلامنا، مع أن وزارة إعلامنا لها حصة كبيرة من ميزانية الدولة، ويعمل بها عدد مأهول من الإعلاميين وغير الإعلاميين، وكان يفترض فيها أن تكون في موقع متقدم إذا ما قُورنت بغيرها من الدول الأخرى، ولأن هذا لم يتحقق، فقد كنا مع كل سنة من السنوات الخمس الماضية على موعد يتم فيه توزير وزير جديد للإعلام، على أمل أن يتم على يديه تصحيح الوضع في الوزارة، وإطلاق أفكار ومبادرات تقود عند تنفيذها قطار الإعلام السعودي إلى الأمام، غير أن ذلك أيضاً لم يتحقق بمثل ما كانت القيادة الرشيدة تأمله.
* *
دعونا نكون متفائلين الآن مع الوزير الجديد ماجد القصبي، بما يملكه من مواصفات وثقافة إعلامية عالية وتجارب ناجحة سابقًا وحالياً، وبما يتمتع به من ثقة كبيرة من الملك وولي العهد، دعونا نقول إننا الآن على موعد مع تجديد قادم لجسم وزارة الإعلام، وعلى مسافة قريبة مع إمدادها بمقومات الحياة، بل ومع تحقيق ما ينتظره الناس، وبما يحقق إعلامياً أهداف رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020، فهذا البلد يستحق أكثر إعلامياً، عطفاً على الإنجازات والمكانة العظيمة التي تتمتع بها المملكة، وهذه الرسالة مني لمعالي الوزير د. ماجد القصبي هي فيض من مشاعر صادقة ومتفائلة، وحريصة على أن يكون لدينا إعلام قوي ومؤثر وفاعل كما هو لدى غيرنا.
* *
وهذه الرسالة أيضاً، إنما هي وجهة نظر شخصية، عن الإعلام السعودي ككل: ولم أشر فيها إلى شيء عن المؤسسات الصحفية، ولا عن هيئة الصحفيين السعوديين، فهذه تفاصيل أخرى، لتفرعات من الجسم الصحفي، وقد تركت الحديث عنها بتفاصيلها، إلى اجتماعاتنا القادمة بمعاليه، ليكون التعليق عليها بعد أن نستمع زملائي وأنا إلى رؤية الوزير القصبي وفيما يمكن أن يكون عليه الموقف لدعمها حتى تواصل رسالتها في خدمة الوطن بالقوة التي كانت عليه المؤسسات الصحفية خلال الستين عاماً من عمرها الذي مضى وانقضى، واثقاً بأن مستقبل المؤسسات الصحفية سيكون أكثر إشراقاً وبهاءً وتطوراً مع الوزير القصبي مما هي عليه الآن.
* *
الطريق نحو المستقبل
* من كلام د. ماجد القصبي قبل أن تناط به حقيبة وزارة الإعلام بالتكليف.
«والدي - الله يرحمه - كان أول سعودي حصل على ماجستير صحافة في المملكة في الأربعينيات من القرن الماضي، كان دائماً يقول: الإعلام مثل الملح بالطعام. لكن مع الأسف لم ننجح في تسويق قضيتنا الخارجية، ولم ننجح في تسويق حقيقتنا خارجياً. القانون الأول للتسويق: لا يوجد عمل فاشل أو عمل سيئ، يوجد تسويق فاشل.
لابد أن نضع رؤية إعلامية، مفروض أن نعمل رؤية إعلامية، أين سيكون إعلامنا السعودي في 2030، كيف ستكون انطلاقتنا، وكيف نرفع ونرتقي في صناعة إعلامنا، الإعلام صناعة وفن، فكيف نسوق قضيتنا الإعلامية داخلياً وخارجياً، وأنا اعتبروني جزءًا من الفريق الإعلامي وفريق هيئة الصحفيين السعوديين».
* ومن كلام الدكتور ماجد القصبي بعد تكليفه وزيراً للإعلام إلى جانب عمله وزيراً للتجارة.
«الأداء في الإعلام غير مرضٍ تماماً، ولا يواكب تطلعات المواطن ونهضة الوطن ومكتسباته، نحن نمتلك مقومات وطنية هي محل فخر واعتزاز على الأصعدة كافة، إقليمياً ودولياً، ولابد لهذه المكتسبات من آلة إعلامية قوية وإبداعية ترضي طموحات وتطلعات المواطنين، والعمل سيكون حثيثاً - بإذن الله - خلال الفترة القادمة لتحقيق ذلك».