د. محمد عبدالله الخازم
وزارة الثقافة بقيادة فارسها سمو الأمير بدر بن عبدالله تؤسس لنهضة ثقافية كبرى، وفق أساليب إدارية تتيح لكل فرع من فروعها النمو بشكل مستقل بعيداً عن المركزية وذلك من خلال تأسيس الهيئات الثقافية لكل فرع من الفروع الثقافية بشكلها الحديث وليس مجرد الأدب كما كان البعض يحصر الثقافة فيه. يُضاف لذلك التميز في استقلالية كل مجال، التوجه نحو منح الفرصة لقيادتها من قبل أهل المجال والمبرزين فيه. نرجو لهم التوفيق جميعاً.
نتمنى التوفيق لوزارة الثقافة في مهامها الجسام، ويأتي سؤال حول الثقافة الخارجية؟ ما هو الأثر الثقافي السعودي في الخارج؟ ونقصد الثقافة التي تمس الشارع وليس التسويق السياسي، فذلك يأتي نتيجة وأسوأ فعل ثقافي خارجي هو محاولة نشر رسائل سياسية مباشرة. وزارتا الخارجية والتعليم بآليات إدارتهما الحالية غير قادرتين على إيجاد وتسويق الوجه الثقافي السعودي في الخارج، فالأولى همومها سياسية ومن الصعب عليها إقناع الآخر بوجهها الثقافي، والثانية استحوذت على مسمى الثقافي في ملحقياتها، لكنها عنيت بالمبتعثين فقط، كأي مؤسسة تعليمية حكومية. ربما نبقي على الملحقيات التعليمية (أسميها التعليمية وفق أعمالها) في الدول التي يوجد بها أعداد كبرى من الطلاب، أما غير ذلك فهناك بدائل للإشراف على الطلاب عبر شركات تعليمية أو مركزياً من الرياض أو بطاقم صغير ملحق بالسفارة. ما نحتاجه في المرحلة الراهنة هو مراكز ثقافية حضارية، بجانب الملحقيات التعليمية أو بديلاً لها، يكون من مهامها:
1 - التعريف بالحضارة السعودية خارج المملكة وفق المنافذ المتاحة وباللغات المناسبة.
2 - ترويج وتقديم دورات اللغة العربية وما له علاقة بتعليمها بتلك الدول.
3 - تأسيس والترويج لأعمال الترجمة المتبادلة بين لغتنا واللغات العالمية بالتركيز على منتجنا الثقافي والحضاري.
4 - تسهيل واستضافة وعقد نشاطات ثقافية وحضارية وتعليمية متبادلة بين البلدين.
5 - تسويق وترويج النشاطات العلمية والثقافية السعودية ونقصد كافة فروع الثقافة بتعريفات الوزارة الحديثة؛ موسيقى، طهي، أدب، ترجمه، فلكلور، مسرح، ثقافة، تصميم وغيرها.
6 - تنسيق تبادل الزيارات الثقافية والإعلامية بين الدولة مقر المركز والمملكة.
7 - تقديم وترويج وتسويق منح بحثية وثقافية للباحثين والمهتمين لإجراء بحوث ودراسات تتعلق بتراث وحضارة وثقافة وفنون المملكة..
أعلاه أمثلة لمهام مقترحة، تمثِّل نواة للمجالس أو المراكز الثقافية السعودية (يناقش المسمى لاحقاً) لأجل هدف نهائي يتمثَّل في تقديم وجه حضاري/ ثقافي/ إعلامي للمملكة بطريقة فاعلة، تؤمن بأن أفضل وسائل الترويج هي أن تتيح المجال للآخرين دراسة ثقافتك والترويج لها بطرق غير مباشرة بعيداً عن الطرق التقليدية التي نقوم فيها بالحديث عن أنفسنا بشكل مباشر، عبر دعاية ومعارض تبهرنا مظاهرها الإعلامية وطقوسها الاحتفالية لكنها لا تصل للفئات المستهدفة ...
من واقع تجربة تربو على أربعة عشر عاماً في كندا والولايات المتحدة، أرى بأن حضورنا الثقافي متواضع وجهودنا لا تثمر كثيراً لافتقادها الاستدامة المؤسسية وعدم توجهها للقاعدة الشعبية. وعليه أختم بمقترح تأسيس هيئة للتبادل الثقافي الدولي أو الهيئة السعودية للتبادل الثقافي، مرجعيتها وزارة الثقافة وتشرف على المراكز الثقافية السعودية - المقترحة أعلاه- في دول العالم..