حماد الثقفي
لم تترك المملكة ميداناً إلا وخاضت دروبه بمسيرة تنموية، تدعم اقتصادها مُنذ إطلاق رؤية 2030 التي جعلتها مركزاً جاذباً للاستثمارات الأجنبية، ومحط اهتمام كافة الجهات العالمية، باستقطاب شركات الدول المتقدمة والناشئة، بل وحكومات الدول الاقتصادية الكُبرى، حتى فازت برئاسة مجموعة العشرين G20 لهذا العام، وعزَّز صحة مسارها الاستثماري.. ولعل ما يُشغل العالم تلابيب الطاقة التي كانت سراً لهلاك الملايين، بل وحروب وصراعات وغزوات. كانت المملكة فيها أهم وأكبر دولة من حيث احتياطي البترول، والإنتاج، والصادرات، والطاقة التكريرية، إذ تمتلك 19 % من الاحتياطي العالمي، و267 بليون برميل، بمعدل 9.5 مليون برميل في اليوم من احتياطي البترول الثابت، قُدِّر إنتاجه العالمي بـ 12 % ، لتصل مبيعاتها في السوق العالمية لأكثر من 20 %، كما تمتلك طاقة تكريرية تصل إلى أكثر من خمسة ملايين برميل يومياً، داخلياً وخارجياً، ناهيكم عن الموارد غير المكتشفة التي لها ثقل مادي بإضافتها عقوداً إضافية عديدة إلى عمر الإنتاج، وعلى سبيل المثال، هناك قطاعات عدة عليها أن تتعاون وقطاع الطاقة لتُسهم في التحول من الاقتصاد الخطي وصولاً إلى اقتصاد دائري كربوني ناجح كقطاع الكيماويات، أقوى الاستثمارات من الناحية التقنية والبنية التحتية لإنتاجه من النفايات الناتجة من تكرير النفط والحد من التكاليف وزيادة العوائد دون أي تغيير جذري في سلاسل الإنتاج، حيث أنعم الله علينا بعناصر طبيعية بلغ عددها 92 ، أعلاها من حيث درجة الانصهار (الكربون) أكثر العناصر «العشرية» بمواده التي تزيد عن عشرة ملايين، مُنتشرة في حياتنا اليومية وخلايانا الكونية التي لا حصر لها، فهو عنصر يعشق الاتحاد سواء مع جماعته أو مع العناصر الأخرى، لامتلاكه خصائص عجيبة يُبهرنا بها كصفات الألماس، وسبحان الله كلاهما كربون، فمثلاً تُشكل (الأولفينات) خاصة (الآيثلين والبروبلين)، أكبر مجموعة من الكيماويات الوسيطة لإنتاج البلاستيك ويُدر 22 مليون طن سنوياً من نفط الخام. لتنشئ شركة سابك أكبر مصنع في العالم لاستخلاص CO2 وتنقيته وتخزينه بمعدل نصف مليون طن من الانبعاثات لإنتاج سماد اليوريا بهدف حماية البيئة وتعزيز النمو، لتُحقق بذلك المملكة تقدماً ملموساً في تقليل الانبعاثات بنسبة عالمية 1.8 % سابقة دولاً كُبرى لا تزال دون المستوى كالصين 27.2 % وأميركا 14.6 % والناتجة من نشاطاتهم الصناعة.
لذلك طيب صُدورنا الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي، خلال مؤتمر «سابك 2020» بمدينة الجبيل، بقدراتنا في استغلال الموارد الكربونية سواء تقليدية أو غير تقليدية، عبر جيل رابع من الكيماويات بما يُسهم في إنتاج الطاقة المتجددة والمواد البوليمارية المستخدمة في توربينات الرياح، مُدعماً الصناعات التحويلية، وليكون مفخرة لنا ولشركة أرامكو وسابك كخطوة تكاملية تتخطى الحدود الإقليمية إلى دول قد تشهد نمواً في طلب الطاقة والمنتجات الهيدروكربونية الأمر الذي يزيد من حصتنا الإنتاجية في السوق، بعد الإعلان عن مشروع الكربون الدائري لتُصبح المملكة أكثر مواءمة مع التوجهات العالمية بشأن البيئة والتغير المناخي، والتنمية المستدامة وتحفيز بقية دول العالم لتبني هذا التوجه خلال قمة العشرين.
إنها إستراتيجية متطورة تتضمن آليات لا بد أن تؤدى لتحقيق الأهداف كلها التي تشملها «رؤية المملكة» لبناء اقتصاد تستحقه السعودية معتمدةً على أرضية صلبة في كل الميادين خاصة الطاقة التي حفل بها مُؤتمر «سابك» 2020، مسطراً قصة نجاح السعودية التي باتت تعد في مصاف عظماء دول الاقتصاد العالمي.