خالد الربيعان
كيف حالك حبيبي القارئ، قررت أن أكون لطيفاً ولنبدل كلمة عزيزي التي تعودنا عليها، لا أحد يضمن أي شيء مع الكورونا في هذه الأوقات، فليكن اللطف حالنا إلى أن تهبط علينا -كالعادة- رحمة الله، ولنرجع إلى مهاوشاتنا اللطيفة المعتادة!
لا صوت يعلو فوق صوت هذا الكورونا الذي لا نراه بأعيننا من فرط صغره - لن أقول تفاهته فأنت تعلم أنه ليس كذلك! - ومع ذلك فإن أرفع الرجال مقاماً في الكرة الأرضية يحسبون له حساباً شديداً! وعلى ذلك يصبح أي موضوع آخر تافهاً!
حالنا الآن يمكن أن تقول كحال القوم في زمن الحروب، سمعوا سارينة الإنذار المتواصلة المتوعدة المذعورة معاً!، الطائرات النازية في طريقها عبر السحاب لتشن الغارة فاطفئوا الأنوار، انزلوا قبو المنزل، لأقول لك في همس وصوت خفيض أن الكل خضع للفيروس الماكر! ترامب خرج -قلقاً- على الشعب الأمريكي ليطمئنه! وليعلن تعيينه لنائبه «مايك بنس» ككابتن فريق مكافحة كورونا.
الرئيس الصيني - والمستثمر الرياضي في 7 دوريات كبرى- «شي جينبينج» خرج مرتدياً الكمامة، في اليابان: أخذ رئيس الوزراء «شينزو» دشا باردا من الامبراطور ناروهيتو الغاضب.. اليابان ستنظم أولمبياد 2020 بعد أشهر والتكلفة 12 مليار دولار، والشركات العالمية كرعاة ستدفع 3 مليارات خرى، كل هذا سيمحوه الكورونا لو ظل مقيماً بالعالم حتى يوليو القادم لأنها ستتأجل، إن لم تُلغَ من الأساس!
حبيبنا الحزين طيلة حياته بعد أن قرر الفرح للحظات وذهب ليحضر أحد الأعراس:فوجد المقاعد جميعها قد نفدت فذهب يُقلِّب كفيه! هذا هو «ليفربول»، الذي انتظر وملايين من جماهيره لقب البريمرليج لمدة 30 سنة! حتى جاء مستثمر أجنبي ورئيس تنفيذي داهية ومدرب يفوز كما يتنفس، تصدروا الدوري وبأرقام قياسية، ثم أتى الكورونا -بصفاقة- ليهدد هذه النسخة من البريمرليج -بالذات- بالإلغاء!
الأندية هناك منعت اللاعبين من المصافحة في التدريبات، وتوقيع أي شيء للجماهير، جماهير بعض الأندية اضطروا للتوقيع على أوراق حكومية تقول إنهم لم يسافروا لبعض دول آسيا!، في إيطاليا مباريات عديدة تأجلت، يوفنتوس يكتشف إصابة 3 من لاعبي النادي المنافس في آخر مباراة فيقرر إيداع فريقه تحت 23 سنة بالحجر الصحي، كبير ألمانيا بايرن ميونخ يمنع لاعبيه من الاوتوجرافات مع الجماهير وصور السيلفي التي تستلزم الاقتراب - غير المرغوب الآن - من الآخرين!
ماذا عن كرة القدم نفسها؟!، أقول لك: إنها الآن تقف مجردة كمعنى وقيمة جمالية، أصبحت بمفردها تماماً في مواجهة الكل، هل تعتقد أنها ستختفي؟ بالطبع لا، كرة القدم كالحياة نفسها، لا تقف حتى وسط أشد الحروب ضراوة ودماراً، في الحرب تجد الطفل يلعب، والناس تأكل وتشرب وتحمد الله على كل لحظة هم فيها أصحاء سعداء!، الأعراس تستمر والمواليد لا تزال تأتي العالم كل لحظة مسلحين ببكائهم وصراخهم الرفيع المبهج، مُسلحين بـ «عدم الوعي» بأي شيء!
كرة القدم كالحياة لن تختفي، والجمال فيها كموج المحيط لا يمكنك إيقافه بل التسليم لتياره، يمكنك أن تشاهده عبر الشاشات سواء: LIVE أو للحظات مسجلة فيها أي لاعب تحبه، أي هدف تعشقه، ملخص لمباراة أشعرتك بالسعادة، جملة لمعلق، خلفية موسيقية تنسيك الزمان والمكان، لقطة أرجفت جسدك من فرط جمالها وإبداعها، لأجل كل ذلك ستنجو كرة القدم -وكل شيء جميل- لأن الحياة نفسها ستنجو، وسيذهب الـ كورونا كما ذهب من قبل.. هو وغيره!
ليس الآن!
أحد المشاهد المضحكة حدثت في الاجتماع الطارئ للحكومة الألمانية، المستشارة «أنجيلا ميركل» تدخل القاعة وقبل جلوسها تصافح وزير الداخلية الألماني «هورست زيهوفر» الذي يرفض مد يده بكل بساطة متعللاً بالعدوى ليضحك الجميع بشدة، هكذا ببساطة، هذا السلوك بالضبط هو ما نحتاجه على كل المستويات، ولنترك «القيل والقال» والفتن في الشارع الرياضي قليلاً ولنوقف حرب التصريحات ودق الخشوم!، إن لم نترك هذا الآن - ولو قليلاً -: فمتى سنتركه!