منيرة الخميري
أذكر ذلك المشهد الحزين ونحن نحاول أن نمارس رياضة المشي في مضامير مشي حول حدائقنا تعاني من تلوث بصري يفقدنا الحماس لمواصلة بعض الكيلو مترات.
الحدائق مسّورة بالحديد والألوان المزعجة، تفتح كم يوم وتغلق يوم للصيانة كل شيء ممل لولا تلك العزيمة التي تقودنا إلى أن نمارس الحياة والصحة في ما هو ميسّر لنا.
لا نملك إلا الطرح عبر ذلك العصفور الأزرق لعله يوصل مسؤول ويبادر إلى أن يبعث الحياة في حدائقنا وشوارعنا أمضينا طويلاً ونحن نحاول أن نستنشق الجمال مما نجده أحياناً مختبئاً بزوايا مملة!
أمضينا طويلاً ونحن نحتاج أن نشعر بأن مدينتنا صديقة لنا ننتمي لها وتنتمي لنا لا نريد تخطيط يهتم بالسيارة فقط، بل بالإنسان الذي يقود السيارة!
نريد أن نستمتع في مدينتنا نحن وأطفالنا وننعم بالصحة الذهنية والنفسية والاجتماعية نريد تصاميم هندسية في شوارعنا ذات معنى وقيمة إنسانية وفكرية نريد ألواناً مفعمة بالحياة، فالمدن كئيبة!
نريد تغذية بصرية وحدائق على مستوى من التخطيط والإمكانيات والمرافق المهمة، نحتاج لساحات حرة للمشي وأندية رياضية في الأحياء ومسارات للدرجات ومراكز ثقافية ومشاريع ترفيهية.
قبل كم شهر حدث في مدينتنا أمر اعتبره الانطلاقة نحو التغيير وصار حديث المجتمع!
الفرحة عمَّت أرجاء المدينة وأذكر غرّدت وقتها بتغريدة «أن نصل متأخراً خيرٌ من أن لا نصل أبداً.. بلدية عنيزة بدأت في برنامج جودة الحياة بتحسين نمط حياة الفرد والأسرة بتهيئة البيئة اللازمة وأن تكون عنيزة صديقة لنا فأهلاً بالفكر القادم».
هذه الحدائق أصبحت حرة من القيود ومرتاديها أحرار ينعمون بكل وسائل المتعة والغطاء النباتي على امتداد البصر.. حدائق نُسقت بطريقة مريحة لمرتاديها تكتظ بكل فئات المجتمع مشهد جميل لالتقاء الأُسر وممارسة جميع الأنشطة الصحية.
نعم، أهلاً وسهلاً بكل فكر واع يدرك معنى أن يشعر الإنسان بقيمته الإنسانية بين مبانٍ أسمنتية جامدة لا يجد الإنسان بين أروقتها مكاناً لقضاء وقت من المتعة فيها.
المدن الإنسانية تتبنى عدداً من القيم والمبادئ ومنها الاستدامة والألفة والتعاطف والرفاهية والعيش المشترك والجماليات والترفيه.
المدينة المستدامة توفر للإنسان مقومات الحياة المستدامة لتمنح خياله مساحة لتصور ما يمكن أن يحدث من حوله من مشاهد ونشاطات، كانت المدن نتاج تخطيط عمراني فقط إنما الآن تتجه لتصبح نتاج شراكات بين المعماريين والمصممين والفنانين والمثقفين لتتضافر الجهود لجعل مدننا ملائمة للإنسان.