سعيد الجابر
علم الاتصال بات يأخذ على عاتقه مسؤولية تحقيق الأهداف العليا المرسومة للدول في محيطها الخارجي وهو المجتمع الدولي. وحين تزداد الدول تقدّماً فإنه يتزايد تباعاً الاهتمام بموضوع الصورة الذهنية وأهمّيتها في الاتصال الدولي أو ما يُعرف بالعلاقات الدولية.
ويعود ذلك الاهتمام للقيمة التي تحصدها من خلال تشكيل الآراء وتكوين الانطباعات الذاتية لدى الدول أو قادتها أو ممثليها. والأهم من ذلك أن علم الاتصال قد يصل إلى مرحلة متقدّمة من خلق السلوك الإيجابي للدول الأخرى تجاه الدولة كمفعول سحري ولكن بقالب مدروس «ذهين».
الآن أصبحت الدول المتقدمة تولي أهمية عالية لدراسة وقياس صورتها الذهنية المتكونة في أذهان الدول الأخرى وقادتها، وقد تصل إلى مواطنيها كذلك. الهدف هو الوصول إلى ما يتناسب مع خلق بيئة ملائمة لتقبّلها، سعياً لتعزيز إمكاناتها وتسهيل الظروف المساعدة على تحقيق أهدافها.
الإعلان عن تدشين المملكة عصر الغاز خلق ردود فعل خفيّة إن لم تكن ظاهرة للعيان. «حقل الجافورة» سيجعل السعودية في المرتبة الثالثة عالميًا في إنتاج الغاز بحلول عام 2030. والسعودية هذا العام تستضيف قمة دول مجموعة العشرين. وما يعرفونه عن «الجافورة» يُعد قليلاً بالنسبة لهم من الذي يرغبون معرفته في كواليس الخبر!! أكبر حقل للغاز غير المصاحب غير التقليدي يتم اكتشافه في السعودية سيحقق صافي دخل سنوي يقدّر بـ32 مليار ريال. يتعجّبون وهم يتساءلون؛ كيف تقرع السعودية الجرس كمؤثّر عالمي؟! هنا كان لفت الانتباه. وما بعده تحليل الانطباعات والآراء والبيانات. يلي ذلك العمل على تعزيز الصورة الذهنية كدور من أدوار الاتصال الدولي.
التحديات الخارجية كثيرة ولابد من مواجهتها، فهذه الأخبار الصاعقة تثير حسد الدول أكثر مما تُشعل الغبطة، والدول تحسد نظيراتها كالبشر تماماً. ونتذكّر ما كان يطرحه بعض العرب في الماضي ويرددونه الآن «نفط العرب لكل العرب». للأسف تبنّى هذا الطرح كُتاب ومُثقفون ثار كثير منهم من الحسد ومات بعضهم من الكمد، ولا يزال لهم أتباع للأبد. وعلى الرغم من أهمّية الإعلان عن قائمة الدول الأقوى في العالم وحصول المملكة على المرتبة الأولى عربياً والعاشرة عالمياً وفقاً للتصنيفات السنوية للقوة في تقارير أميركية، إلا أن خبر تدشين أعمال «حقل الجافورة» بالنسبة لهم وما خفي من الغاز، كان مثار الاهتمام لذلك نقول: {ومن شر حاسدٍ إذا حسد}.
المملكة -ولله الحمد- أصبحت مُلهمة للكثير من الدول، بل هي اليوم تُعد «كاريزما النماء» للدول. ومن هنا يمكن أن نقول إن هذا الإنجاز في تاريخ المملكة سيكون محط أنظار الأرض. كذلك أن تكون أنت من يقرع الجرس بضرورة التحوّل من الاعتماد على النفط فقط إلى الاعتماد على الطاقة المتجدّدة والغاز معاً، من شأنه بلا شك تعزيز الصورة الذهنية عالمياً.