رقية سليمان الهويريني
بعد أن كان كاتب الرأي عين المواطن ولسانه، بدا الوضع بائسا وحزينا وخاملا، فبعد أن كنا نكتب وننتقد الشأن الاجتماعي والقطاعات الحكومية، وينشر المقال؛ حتى يهب الوزراء والمسؤولون بالتواصل مع الكاتب لتوضيح بعض جوانب قد تكون خافية عليه ويطلبون الاستئناس برأيه وتطبيق فكرته، وتعقيب بعضهم على المقال في نفس الصحيفة؛ وعلى إثر ذلك يتم تناقله بين الناس الذين يحتفون بالكاتب ويسعون لدعمه ومساندته، حتى تحول بعض الكتاب لنجوم وشخصيات عامة مرموقة، وتتم مناقشتهم وحوارهم عبر وسائل الإعلام واستضافتهم في المؤتمرات والندوات، بينما حالياً لا يلقي المسؤولون اهتماماً بما نكتب من نقد أو طرح أفكار ورؤى وتطلعات؛ وكأن ما ورد في المقال لا يعنيهم، ولا تحرك فيهم الكلمات حاسة أو إحساساً!
وفي كل مناسبة تدعو القيادة المسؤولين لمتابعة ما يكتب في الصحافة والتفاعل معه باعتبار أن الصحافة هي السلطة الرابعة، وتضمن حق الرد؛ إلا أن انصراف أولئك المتنفذين وإهمالهم أسقط قيمة الصحافة وأطاح هيبتها، فصار (هاشتاق) واحد في تويتر باستطاعته تغيير قرار مسؤول حكومي أو ظاهرة اجتماعية حين وصوله (للترند) رغم أنه قد يكون مطروحاً بفكرة ركيكة أو أسلوب استفزازي طائش أو يمارس محتواه ضغطاً على المسؤول أو إرهاصاً على المجتمع مما جعل قنوات التواصل الاجتماعي تسحب البساط من الصحافة الرصينة التي يحرص رئيس تحريرها الحفاظ على الكتّاب من إبداء الآراء التصادمية أو المتسرعة كيلا يصطدموا بقانون صارم أو احتجاج اجتماعي! ورغم النوايا الطيبة في هذا الأمر ومشروعيتها لتجنيب الكُتاب مغبة التهور إلا أنه من أسباب انصراف الناس عن قراءة الصحف.
وتضاؤل الاهتمام بما يكتب كاتب الرأي؛ انعكس على الوضع المالي للصحف حيث انحسرت الإعلانات وتقلص الرافد الاقتصادي الذي يعد محرك الصحافة وقوتها، وممارسة دورها، وبالتالي توقفت المكافآت التي تعد تكريما للكاتب ودلالة على أهمية ما يكتب!
معالي وزير الإعلام المكلف دكتور ماجد القصبي: ما لم تعد للصحافة هيبتها من لدن الحكومة والمسؤولين فلن تكون جاذبة للقارئ الذي كان يعدها صوته والمعبر عن طموحاته.