مها محمد الشريف
«الادخار» تشتق هذه الكلمة من التدبير المنزلي المحكم والمشروع من أجل الخير العام للأسرة كافة، ثم يتسع المعنى ليشمل اقتصاداً لتدبير تلك الأسرة الكبيرة التي هي الدولة، في علاقة مباشرة بالتحولات الطارئة على المجتمعات الحديثة، تتجدد الحاجة إلى الأخذ بفلسفة الادخار والتوفير لتكون فيه المصلحة الذاتية كمحرك للحياة الاقتصادية في أي مجتمع، وكثيراً ما اعتبر الإجماع دليلاً على صواب الآراء والأحكام والتصورات المجمع عليها، لذلك يعطي هذا المسار للمستهلك انطباعاً بالتعرف إلى ذاته وقدراته إلى مسايرة السائد والاطمئنان إلى ما تجمع عليه الأكثرية من فوائد.
يُعزى هذا الوضع إلى استعداد الفرد ذاتياً إلى الأخذ بما يُقدم له من تأثير التقنيات والمنهج التعليمي المعتمد في تحديد أنماط الوعي والإرادة واستقلالية القرار وتوفير التناغم مع ثقافة الادخار لأن التعليم يعتبر عاملاً من أبرز العوامل التي تؤثر في سلوك الفرد وإدراكه ودوافعه، حيث يوسع التعليم أفق تطلعات الفرد، ويعزز معارفه ويفتح أمامه مجالات عدة. وكما يؤثر التعليم في سلوكه الاستهلاكي، حيث يتجه الفرد المتعلم إلى الاطلاع ومتابعة الإعلانات التسويقية بدوافع تختلف من شخص لآخر.
وهكذا، خلص الأمر إلى أن الاستمرارية الموجودة بين الحياة والبشر فيما بينهم تنتقل عبر التقليد، والتباين في اتخاذ قرارته الشرائية، ويهتم بجودة المنتج كما يقل اهتمامه بنواحٍ أخرى، فالتعليم يمنح الفرد حضوراً يغلب عليه الطابع العملي النفعي. ورؤية تهدف إلى معنى المقتضى الاقتصادي دون أن يفرط في المقتضى القيمي للادخار ليتحول إلى شح وبخل.
ولكن كيف تصبح الأمور متكافئة؟ إذا نتج عنها آثار عكسية في المشهد العام وبالتحديد في وسائل الاتصال الجماهيرية التي تجعل ما هو سطحي يبدو الأشد أهمية، حيث خلطت بين الضرورات والحاجيات والكماليات فالأمر يحتاج إلى وسائط إعلامية جديدة تدعو إلى تشخيص هذا الواقع المستجد واستجلاء درجة خطورته، وتعتبر الثقافة عامل حاسم وتعليم طرق الادخار وكيف يستطيع الفرد إشباع رغباته الاستهلاكية لأنها تنبع أصلاً من القيم والمعتقدات والدلالات التي تطابق الفكر الاقتصادي مع الواقع.
لا يخفى على المجتمعات ما يترتب على الأزمات الاقتصادية العالمية من طبيعة الأشياء والعواقب السيئة، وتجدر الإشارة إلى أن كل قاعدة عامة يجب أن تكون مفعّلة لدى كل أسرة تتعاظم بقدر وعيها وجعل الادخار فضيلة تسود وتعمم وفق روح مؤسسها، فليست كل العلوم قادرة على إنتاج ثقافة معينة دون مشاركة الجميع من مبدأ الواجب، وتسير في مجالها الصحيح الرشيد.