سمر المقرن
الإحصائية المنشورة في الكتاب السنوي الإحصائي الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، تكشف أن نسب الطلاق في المملكة بلغت حوالي 150 ألف حالة طلاق في بداية سنة 2019 فقط، وهي تعد من أكثر حالات الطلاق في العالم بنسبة تتجاوز 32 % من عدد الزيجات التي تمت، الرقم ليس ببسيط ويحث على البحث والتقصي، بل ويجعلنا نتوقف كثيراً عند تلك الأشياء الصغرى التي تهدم أعشاش الزوجية وتقوضها حتى لا نصل إلى حافة هاوية الطلاق!
فمعظم النار من مستصغر الشرر وقطرة ماء واحدة تسقط على صخرة لمدة 20 عامًا كافية بتحطيمها، وهذه القطرات قد تكون أشياء صغيرة لا ننتبه لها، فتتبخر اللذة وتترسب المسئولية ويصل الزواج لطريق مسدود بسبب هذه الأشياء الصغيرة التي تهدم الزواج وتحول الحياة الزوجية لعود بلا أوتار فكيف يتم العزف عليه؟ إنها سلوكيات بسيطة وتافهة قد يمارسها أحد الزوجين فتنخر في أساس العش السعيد فتقوضه شيئاً فشيئاً، والنماذج عديدة فهناك زوجة طلبت الطلاق من زوجها لأن رائحة جواربه مزعجة، وهناك زوجة أصدرت قراراً يسري على أقارب الزوج بعدم الدخول لمنزلها بالأحذية في حين استثنت أقاربها من هذا القرار فوقع الطلاق بسبب هذه التفرقة! وهناك زوجة طلبت الطلاق من زوجها بسبب سوء معاملته لكلبها وإصراره على شراء وجبات أجنحة الدجاج بدلاً من الدجاج نفسه لتقديمها طعاما للكلب، وهناك زوج يرفض غسل أسنانه بالفرشاة والمعجون، وآخر يتجاهل الإطراء على الطعام الذي تعده زوجته، وهذه زوجة يتعمد زوجها «الطقطقة» عليها أمام أهلها، وأخرى تنقل أسرار بيتها وحياتها الزوجية على الهواء لحظة بلحظة لوالدتها، وهذه زوجة ترفض إطفاء أنوار المنزل فترتفع فاتورة الكهرباء، كل هذه سلوكيات وإن بدت بسيطة أو «تافهة» لكنها كفيلة بسد شرايين الحياة الزوجية!
كما تحضرني واقعة شهيرة للفنان كاظم الساهر عندما كان يقوم بإحياء إحدى حفلاته وأبدت زوجة إعجابها بصوته الساحر فنهرها زوجها بصوت عالِ فطلب المطرب العراقي من الزوج ألا ينهر زوجته فانفعل الزوج أكثر وطلقها على رؤوس الأشهاد! ووقائع وأحداث مؤلمة أخرى تطالعنا بها الصحف ووسائل الإعلام المختلفة والمواقع في وطننا العربي يومياً لأسباب قد تبدو «واهية» لكنها تنتهي بالطلاق.
من هنا، أجزم بأن سلوكيات بسيطة قد تغير كثيراً في مسار حياتنا إن نحن تيقظنا وانتبهنا إلى أنها قد تزعج الطرف الآخر، وإذا لم ننتبه إليها ونوطن أنفسنا على عدم تكرارها فسوف تقضي على الأخضر واليابس ليس في الحياة الزوجية فحسب، بل في كل العلاقات!