سمر المقرن
كعادتي، في كل تجربة سلبية أبحث عن الوجه الإيجابي. وهذه تجربة موجعة يمر بها العالم دون استثناء في تفشي وباء اقتحم الجميع على قدم المساواة. ليجعلنا ننظر إلى الحياة من زوايا ربما لم نكن نراها في وسط الضجيج اليومي، ونركن إلى تفاصيل لم نكن نستشعرها ونحن بكامل صحتنا وسلامتنا، لكننا اليوم نشعر بها ونحن نرى في دول العالم من يتساقط جراء هذا الوباء.
لكننا أمام كل هذه المشاهد والأخبار الموجعة لا بد وأن نشعر بالفخر وسط مشاعر متخالطة وسط الهلع والخوف والرعب من وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد19)، ليثبت اهتمام حكومة والدنا وحبيبنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، أنها نجدة السماء، وأن هاجسها الأول الاهتمام بصحة المواطن والمقيم، فقد وضعت دعمها اللا محدود لكل الجهات، وعلى رأسها وزارتي الصحة والداخلية لاحتواء ومكافحة الوباء، وسط إشادة دولية من منظمة الصحة العالمية بالإجراءات الاحترازية التي تتم بالمملكة لمواجهته، وقد سبق لنا مكافحة الأوبئة عامي 2012 و2014، وأخيراً كورونا المستجد، فالإجراءات صارمة ومتصاعدة يوماً بعد يوم، ولحظة بلحظة، وكثير من القرارات الاحترازية هي أدلة من أرض الواقع، كتعليق الحضور لمقرات العمل في الجهات الحكومية كافة لمدة 16 يوماً، عدا القطاعات الصحية والأمنية والعسكرية، وتعليق الخطوط السعودية جميع رحلاتها الدولية، بالإضافة إلى إغلاق الأسواق والمجمعات التجارية المغلقة والمفتوحة، عدا الصيدليات والأنشطة التموينية الغذائية، ومنع التجمعات وتعزيز التعاملات الإلكترونية عن بُعد. وظهر البعد الإنساني جليًّا بتقليل أعداد حضور الموظفين إلى مقرات العمل، ومنح بعض الفئات «منها المرأة الحامل، وذوو بعض الأمراض»، فرص العمل عن بُعد، وتعليق النشاط الرياضي. ومن قبل أعلنت المملكة تعليق العمرة لحماية الأماكن المقدسة، وتعليق الدراسة، ولم يترك المسئولون جحر ضب إلا وحاولوا إغلاقه لمحاربة هذا الوباء. حتى أن مؤسسة النقد العربي السعودي قررت عزل جميع العملات السعودية الواردة لفروع المؤسسة من خارج المملكة عن طريق البنوك وشركات نقل الأموال، ومعاملتها مثل مقابض الأبواب وأزرار المصاعد، باعتبار أنها يمكن أن تنقل العدوى.
وللتوعية بأخطار الفيروس دعت وزارة الصحة المواطنين والمقيمين كافةً إلى التواصل مع مركز صحة 937 للرد على استفساراتهم وتقديم الاستشارات لهم في كل ما يتعلق بفيروس كورونا الجديد، كما خصصت المملكة 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار) لدعم القطاع الخاص، لمكافحة تداعيات فيروس «كورونا» وتخفيف آثاره المالية والاقتصادية المتوقعة على الاقتصاد، خصوصاً على قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، كما تواصل المسئولون في المملكة مع السفارات والقنصليات السعودية بالخارج لإجلاء ورعاية مواطنيها.
وبعد كل هذه الإجراءات الاحترازية التي قامت بها الحكومة، فإن الكرة أصبحت في مرمى المواطن والمقيم بالالتزام بالتعليمات الصادرة بكل دقة من أجل مصلحة الوطن والمواطن، ومن يخالفها يعرض مصلحة الوطن ومصلحته الخاصة لخطر لا مزاح فيه، فما زال هناك -مع بالغ الأسف- من لا يمتلك الوعي الكامل بأن نتائج عدم التزامه بالتعليمات وبقائه في بيته قد لا تحمد عقباها!
حفظ الله المملكة والدعاء بأن يزيح رب العرش العظيم هذه الغمة عن الأمة.