عبدالعزيز السماري
سيطرت الصين على كورونا، بعد أن نال منها، لكنه اشتعل في أوروبا، ولا يزال الأمر مستقر، ولا يثير الهلع في مناطق العرب والأكراد، والأفارقة، وإذا تجاوزنا الأسابيع المقبلة ربما نصل إلى بر الأمان، وقد يخمد الفيروس في الصيف، مثلما فعل فيروس كورونا الجمال قبل سنوات، وقد تكون الإجراءات المبكرة سببا رئيسياً لإيقاف انتشاره في البلاد.
لكن ذلك قد لا يفسر تماماً تفشي الفيروس في بلدان الشرق وأوروبا، بينما لم يصل إلى مرحلة الوباء في الدول العربية وبلدان أفريقيا، برغم من افتقار أغلبها للرعاية الصحية الجيدة، وهو ما يطرح نظرية القابلية الجينية لانتشار الأمراض، فعلى سبيل المثال فتك فيروس أيبولا بدول أفريقية، ولم يتجاوزها إلى مناطق أخرى خارج أوروبا.
ولتبسيط النظرية، تتأثر الأمراض المعدية لدى السكان بمجموعة متنوعة من العوامل، من أهمها الوراثة المضيفة، والأمثلة الواضحة لتأثير علم الوراثة المضيفة على الاستعداد للعدوى لفيروس أو بكتيريا محددة، وتقوم المتغيرات الجينية البسيطة بالتأثير على مناعة الإنسان، وقد تختلف من مجموعة سكانية إلى أخرى.
كانت أغلب حالات فيروس كورونا في منطقة الخليج أقل فتكاً، وقد تعتبر خفية إذا ما قورنت بما يحدث في إيطاليا، كذلك هو الحال في أفريقيا، فبعض الحالات المسجلة كانت لسواح أوربيين، وقد يصيب الأفارقة لكن الفرق في درجة الخطورة، وقد أعلنت نيجيريا أول حالاتها في لاجوس، وكان المصاب إيطالياً، هو ما قد يعزز نظرية البعد الجيني في انتشار الوباء.
تبقى إيران اللغز في نظرية القابلية الجينية لوباء كورونا، فالشعب الفارسي من منطقة الشرق الأوسط، ومع ذلك انتشر فيه فيروس كورونا، وهناك نظرية علمية تقوم على أصول اللغات، وتصنف ارتباط الفرس بجذور جرامانية أو أنجلوساكسونية، وقد تم دراستها، وقد تصل عند بعض العلماء إلى درجة وثيقة، على أنهم مشابهون في أحماضهم النووية للشعوب الأرية.
قد تفسر هذه الرؤية ما يحدث في العالم من تفاعل لانتشار فيروس كورونا، لكنها يجب أن لا تتجاوز متعة القراءة، فالإجراءات الاحترازية هي الأهم في هذه المرحلة، وقد تثبت الأسابيع المقبلة شيء من الحقيقة حول هذه النظرية..
لكن الحقيقة العملية حول اختلاف قابلية البشر للعدوى لا يخالجها شك، فالإنسان قد يكون معرضاً للعدوى ليفروس أو بكتيريا محددة حسب الجينات المتوارثة للمناعة أو لطفرات جينية طارئة، تجعل منه معرضاً بشكل أكثر من غيره للاتهاب الفيروسي أو البكتيري.
سيأتي زمن يعرف الإنسان من خلال خارطته الجينية الأمراض التي قد يُصاب بها في حياته، وقد يتأخر هذا الزمن، لكنه بالمزيد من الاكتشافات العلمية ووسائل الاختبار الجيني، سيصل العالم إلى معرفة أسرار وخفايا شفرته الجينية، وأخيراً ستكون الأسبوعين القادمين حاسمة، وبمزيد من التشدد في الإجراءات سنتجاوزها بإذن الله.