بين ليلة وضحاها أصبح ربط الحزام يتم قبل تشغيل السيارة في مجتمعنا السعودي. كل ذلك بعد أن طبق (بضم الطاء) عقوبة المخالفات المرورية من خلال كاميرات التصوير. فشكراً لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان. بين ليلة وضحاها أصبح ربط حزام الأمان مهمًا للجميع بلا استثناء حتى الأطفال يجب توفير مقاعد خاصة لهم لحمايتهم. عندما تلامس العقوبة جزءًا من رأس مال الشخص سواء مصروفًا شخصيًا أو غيره يحس بالخطر فيبادر إلى تحاشي تلك العقوبة بالانضباط وتتبع التعليمات، وهو الحل الذي من خلاله يلتزم الكل به. لتعود بي الذاكرة قبل ما يقارب عشر سنوات عندما كنت طالباً أدرس في أستراليا، حيث أذكر كيف كانت العقوبة يتحاشاها الشعب الأسترالي وهي المخالفات المرورية.
كنا نتصور التزامهم بربط الحزام نوعًا من الثقافة والتطور والرقي واتباع للأنظمة إلى أن خضتُ التجربة هناك ليتبين لي أن الموضوع لا يعدو خوفاً من العقوبة وهي دفع مبلغ مالي وقدره بسبب تلك المخالفة.
من المواقف التي لا يمكن نسيانها وأصبحت تتردد على مخيلتي كثيرًا هي أن أحد الزملاء الطلاب كان غير مبالٍ بربط الحزام، بل كان يستهزئ بتلك الفكرة ويعلق بقوله (أنا فاضي للحزام أصلاً)، حيث سمعتها منه أكثر من مرة حتى قابلته ذات مرة في جامعة (نيو كاسل) وهو يقول: أبشرك اشتريت حبل اربط نفسي فيه مع حزام الأمان! لأكتشف لاحقاً أن العقوبة طبقت فيه بمبلغ مئتي دولار أسترالي. حيث يقول زميلنا الطالب المغترب معنا والكلام له: عندما ذهبت لأسدد مبلغ المخالفة في مكتب يتم فيه سداد المخالفات المرورية استغربتْ مني تلك الموظفة وقالت لي: مئتا دولار! هذا المبلغ مصروفي لمدة نصف شهر، ممازحة زميلنا.
هنا يظهر السبب خلف ربط الحزام والتقيد به في الدول المتقدمة والتي دائماً ما نتبادل أطراف الحديث عنها. العقوبة هي السبب الذي يجب أن نحذوه ونتعامل فيه بينما غيرها - من وجهة نظري - لن يجدي نفعاً. هنا تعود بي الذاكرة لسنوات الدراسة الجامعية أي تحديداً عام 2000 ميلادية عندما كنا نشاهد رجال المرور يقفون عند إشارات المرور ملوحين لكل سيارة تقف أنه يجب ربط حزام الأمان. تلك الحملة استمرت تسعين يومً ولكن دون نتائج تُذكر، حيث حملت تلك الحملة شعار «اعقلها وتوكل» وحملات أخرى حملت شعار «اللبيب بالإشارة يفهم».