فهد بن جليد
سريان (منع التجول) بدأ مُنذ ليلة البارحة من الساعة السابعة مساءً وحتى السادسة صباحاً، التجربة جديدة علينا في المجتمع السعودي ولكنَّها خطوة ضرورية وحاسمة للحد من انتشار (فيروس كورونا)، في ظل المُمارسات غير المُبالية التي تُساعد وتُساهم في نقل (الفيروس) وانتشاره من خلال الزيارات واللقاءات - غير الضرورية- بالخروج من المنزل دون حاجة، وهو المنعطف الأخطر والمُسبِّب الأول في صعود مؤشر الإصابة في السعودية، نتيجة مُخالطة مُصابين أو ناقلين (للفيروس) دون التزام بالمعايير والاشتراطات والاحترازات الشخصية المطلوبة.
تظل التجربة جديدة علينا في المجتمع السعودي الحديث ونخوضها (للمرة الأولى)، لذا من المتوقّع أن نعكس جانباً إيجابياً في الالتزام بالمنع وتحقيق أهدافه، والوعي المجتمعي الرفيع، ليس لناحية عدم الخروج في ساعات المنع المُحدَّدة فقط، بل بالتقليل من الخروج في بقية ساعات النهار إلا للضرورة القصوى، ومُحاولة تجنب مُخالطة الآخرين حفاظاً على صحتنا وصحة مُجتمعنا، لا أحد يرغب أو يُحب تقييد الحُريات في الانتقال والتحرك، ولكنَّه (الخيار الأصعب) كأحد الحلول الناجعة التي لجأت إليها مُختلف دول العالم، للحد من انتشار (كوفيد-19) السريع والمُخيف، ولنا في التجربة الصينية خير مثال عندما تغلب الصينيون على الفيروس بعزيمتهم وامتثالهم لتطبيق الاحترازات الصحية اللازمة، بمنع الخروج وعدم مُخالطة الآخرين والحفاظ على التباعد الاجتماعي قدر المُستطاع، بينما لا تزال دول ومجتمعات غربية ترفع لواء التقدّم والتحضّر تدفع ثمن عدم مُبالاة (الأفراد)، الذين ساهموا في نشر (الفيروس) بشكل رهيب وواسع، وحطموا كل صور ورموز ومعاني وقيم التحضّر الإنساني في بلدانهم وثقافاتهم.
الرهان اليوم هو على مدى (وعي الشعوب) وتحضّرها الحقيقي، كل الأنظمة الصحية والثقافية والمُجتمعات الإنسانية تمرُّ باختبار صعب، سيعيد ترتيب خارطة اهتمام ومكانة الإنسان والفرد والمواطن والمقيم على كل أرض وفي كل ثقافة، الدول والشعوب والمجتمعات تنظر إلى بعضها البعض، (عين) على الإجراءات والاحترازات، و(أخرى)على الأرقام والمؤشرات، فلنعكس مدى تحضّرنا وتقدّمنا وفهمنا لمعنى وغاية (منع التجول)، حتى لو عشناه (للمرة الأولى).
وعلى دروب الحير نلتقي.