ينبغي قراءة كل شيء حتى ولو كان بلغة مختلفة..
أيام كورونا تمحص الأعمال وتجعل الأفعال شاهدة على لحظات ستولي وتمضي بإذن الله.
من العمق يبدأ العمل المقنن الذي بوساطته نستطيع قراءة المعطيات بشكل جيد وعلى ضوئها نقيس الأزمات ونُفعل الحلول بالتزامن مع التوكل على الله.
هذه الأيام غير المألوفة التي نعيشها جميعًا تفرض علينا واقعًا جديدًا وسؤالًا مهمًا يطرح نفسه: هل سنكون بمستوى الحدث؟ دون تضخيم أو تقليل؟ هل نستطيع كأفراد الانضمام إلى منظومة فعلية تجعل من أزمة كورونا خبرة لا نتمنى لاحقًا الاستعانة بها بإذن الله؟
الوعي بمستوى الحدث هو الفيصل في مقاومة هذه الأزمة واستيعابها إلى أن تنتهي بإذن الله، إذا ما توفر في الشعوب كمية من الاستنارة مع استشعار المسؤولية وخوضها دون هلع أو دون تقليل سنكون قد قطعنا مسافة هائلة في حسن إدارة الأزمات على مستوى الشعوب.
الجهود الجبارة التي نراها في مكافحة كورونا توحي برسالة مهمة إلى مواطن أو مقيم أن دوره ليس محصورًا عليه فحسب بل يمتد إلى غيره، هذا الدور الذي يساعد في اختصار الوقت والجهد والطاقة إذا ما أحسن كل فرد استغلاله.
الوطن اليوم وهو يخوض بحار هذه الأزمة بقيادته الرشيدة وبشعبه الواعي يُقدر عمق ما يترتب عليها من مسؤوليات اقتصادية ومالية ومجتمعية وصحية قبل ذلك، هذا يشعرنا بأهمية الدور المنوط بكل واحد منا.
إن الوظيفة اليوم تتفرع إلى الشعب بكل أطيافه وبمدى هضمه واستيعابه لهذه المسؤولية والقيام بها على أكمل وجه.
كورونا اليوم بالرغم من كونه مرضًا لكنه يخلق بالداخل نوعًا من شكر النعمة والقيام بواجبها، يمنح الأفراد نظرة تأملية في أن المرض ليس شرًا محضًا بل هناك جوانب أخرى نستطيع أن نستخلصها منه. كورونا اليوم يُدرسنا بلسان مبين أن الصحة أغلى ما يملكه الفرد، وأن في وقت الشدائد تُعرف أقل نعمة كنا نعيشها، وأن الهواء إذا صار موبوءًا فإن الأرض كلها تمرض ولن يكن بإمكانها منحنا دقيقة أمن.
هذه الدروس التي نستنبطها من المرض أيضًا قد تسهم في بناء جيل متفوق قادر على العيش في ظروف صعبة وقادر على بناء بنية تحتية قوية، وفي استطاعته إيجاد الحلول اللازمة لشغل الموارد والكوادر، وفتح المنافذ أمام الإسهامات الإلكترونية.
بقي جزء مهم وجوهري في كل هذا الوضع وهي العزلة التي من شأنها الحد من انتشار هذا الفايروس وبجوانبها الروحانية المهمة التي تعطينا مساحة هائلة في مناجاة الخالق جل وعلا والتضرع إليه لرفع هذا الوباء عن العالم.
اللهم طيِب الأثر وحُسن الرحيل..
** **
- رباب محمد