د.شريف بن محمد الأتربي
رغم الفارق الزمني الهائل بين التعليم التقليدي- الذي بدأ منذ فجر التاريخ سواء بطريقة فردية أو بطريق نظامية- والتعليم الإلكتروني - الذي ذاع صيته مع بداية ظهور شبكة الإنترنت في منتصف تسعينيات القرن الماضي وما صاحبها من تطورات في مجال الاتصالات وحفظ المعلومات- إلا أن كليهما يهدف إلى تحقيق أهداف ونتائج محددة هي تعليم وتثقيف أبناء المجتمع للتوائم مع متطلبات الحياة وسد حاجات سوق العمل بكفاءات متميزة تستطيع التأثير في مكانها وليس فقط إحلالها محل آخرين.
وخلال الأيام الماضية ونتيجة للإجراءات الاحترازية التي قامت بها حكومة المملكة العربية السعودية فقد تم تعليق الدراسة في جميع أنحاء المملكة وعلى كافة المستويات مما دعا القائمين على التعليم إلى استثمار التعليم الإلكتروني والتعلم عن بعد في استكمال العملية الدراسية وعدم تأثرها بصورة كاملة أو توقفها.
وفي البداية يجب أن نفرق بين مصطلحين جرى استخدامهما على معنى واحد وهذا من الخطأ الذي يقع فيه الكثيرون وهما التعليم الإلكتروني والتعلم عن بعد؛ فالتعليم الإلكتروني هو تقديم البرامج التدريبية والتعليمية عبر وسائط الكترونية متنوعة، وشبكة الإنترنت بأسلوب متزامن أو غير متزامن وباعتماد مبدأ التعلم الذاتي. وعملية التعلم في التعليم الإلكتروني أو تلقي المعلومة العلمية عن طريق استخدام تقنيات الوسائط المتعددة بمعزل عن ظرفي الزمان والمكان. حيث يتم التواصل بين المتعلمين والهيئة التدريسية عبر وسائل عديدة قد تكون الإنترنت، الانترنت، الاكسترانت (مصطلحات متعلقة بنوعية الشبكات) أو جهاز التلفاز التفاعلي.
والتعليم الإلكتروني يتم في ثلاث بيئات مختلفة: التعلم الإلكتروني المتزامن (Synchronous E-Learning)، والتعلم الإلكتروني غير المتزامن (Asynchronous E-Learning)، والتعلم المدمج (Blended Learning)
بينما التعلم عن بعد؛ هو التعليم الذي يتميز بعدم التواصل المباشر الكلي بين الهيئة التدريسية والمتعلمين ويتم من خلال وسائط التعلم كافة سواء كانت تقليدية أو حديثة.
وعملية التعلم في التعليم عن بعد- ويعرف أيضا بالتعليم المفتوح أو التعليم بالمراسلة وسابقاً عرف بـ الانتساب- لا يوجب استخدام تقنيات الاتصالات الحديثة حيث يمكن للطالب أو المتدرب الحصول على المادة العلمية أو التدريبية على شكل كتب أو مواد مطبوعة دون اللجوء إلى أجهزة الحاسوب أو الوسائط المتعددة وإن كان بعيدا عن الفصول الدراسية أو قاعات المحاضرات إلا أن التكنولوجيا أثرت في تنظيم التعليم عن بعد وأبرز هذه التغيرات أنه لم يعد يتطلب حضور الطلبة إلى القاعات الدراسية على فترات منتظمة ونتيجة لذلك اقتضى وجود هيكليات مؤسسية تختلف عما هو قائم لدى المؤسسات التعليمية التقليدية، بالإضافة إلى ظهور أشكال جديدة للتعليم عن بعد.
وقد اعتمدت وزارة التعليم على كل من النوعين بحيث يتم توفير كافة مصادر المعلومات التي تعين الطالب على التعلم الذاتي، وكذلك الاستفادة من قنوات عين التعليمية بمستوياتها التعليمية المختلفة، هذا إلى جانب البث المباشر الذي سيقدمه المعلمون والمعلمات إلى الطلاب عبر جدول بث محدد ومختار بعناية ودقة سواء من خلال المعلم/ ة التي ستقدم المادة أو الوقت الذي سيتم فيه البث.
ولقد كانت مبادرة بوابة المستقبل التي أطلقتها الوزارة بالتعاون مع شركة تطوير لتقنيات التعليم (تيتكو) قبل أكثر من ثلاث سنوات واحدة من النماذج الناجحة في دعم التعلم عن بعد والتعلم الذاتي من خلال توفير مجموعة من أدوات التعلم الإلكتروني التي تتيح لكل من المعلم والمتعلم إمكانية الحصول على المادة العلمية بسهولة ويسر، بل ووفرت أيضا إمكانية التقييم من خلال الاختبارات والواجبات الإلكترونية، وأتاحت مساحة للتواصل بين المعلم والمتعلم من خلال غرف النقاش.
إن التعلم الإلكتروني والتعلم التقليدي في هذه اللحظات أصبحا يشكلان نسيجا واحدا يتيح للمعلمين والمتعلمين إمكانيات عدة تساعد في تحقيق أهداف التعليم خاصة في ظل الأزمات الكبرى التي من الممكن أن تتعرض لها الدول مثل أزمة فيروس كرونا الجديد.