د. أحمد الفراج
يتفق الجميع على أننا نعيش اليوم في زمن الحروب الإعلامية، وهو ما يتطلّب أقصى درجات المهنية، لأن كل كلمة محسوبة ولها ثمن، وبعض الأثمان غالية جداً، ولكن الواقع المؤلم هو أننا ابتلينا خلال السنوات القليلة الماضية بمن رأى في المجال الإعلامي فرصة للظهور والشهرة والتكسُّب، فصار المجال مفتوحاً للجميع، خصوصاً مع الثورة التقنية ممثلة في تطبيقات السوشال ميديا، والتي أتاحت لكل أحد أن يملك وسيلته الإعلامية الخاصة، بغض النظر عن الخلفية العلمية والثقافية والفكرية، ويعتقد معظم هؤلاء أن أهم المقومات المطلوبة هي القدرة على الحديث، خصوصاً في القضايا التي تجذب الجمهور، وحينها قد يفلت اللسان بكلمات غير محسوبة أو معلومات خاطئة، وبما يسيء للقضية وبالتالي للوطن، ولا أصدق ما يصلني من مقاطع فيديو، حيث الفوضى المعلوماتية، واللغة التي لها لا علاقة لها بالإعلام، ولا حتى بالمجالس الخاصة المحترمة، إذ ربما يخجل من يحترم نفسه أن يتحدث بمثل ذلك حتى في المجلس الخاص، ولا أدري متى سندرك أن الإعلام ليس مهنة من لا مهنة له، بل علم له نظرياته، وبالتالي يتوجَّب على من يخوض غماره صقل الموهبة بالتدريب والبحث العميق والدراية بأصول هذه المهنة الراقية، التي تعتبر من أهم وأقوى السلطات.
يسألني بعض الأحبة: «ما الذي يحدث، فمع هذا الكم الكبير من الإعلاميين الجدد، أصبحنا نجد صعوبة في التفريق بين الغثاء والمحتوى الجيد»؟ ولا يراودني شك في أن القائمين على شؤون الإعلام وشجونه يدركون ما يحدث في هذه المرحلة الحرجة، التي تواجه فيها بلادنا حروباً شرسة وغير مسبوقة، فالحديث مؤخراً يتركَّز حول من يطلق عليهم نجوم السوشال ميديا، الذين وصل الأمر ببعضهم حدَّ ارتكاب المخالفات في سبيل الشهرة، والمزعج في الأمر هو أن بعض المحتوى، الذي يقدّمه هؤلاء النجوم أصبح يستخدم كمادة للتندر والسخرية من قبل الإعلام المعادي لنا، أي أن بعض ما يطرحه هؤلاء النجوم أصبح يستخدم من قبل الخصوم ضد الوطن، لأن الإعلام لعبة خطرة، إذا لم يتم استثمارها بمهنية وحرفية عالية، ترتد سلباً وتأتي بنتائج عكسية، وهذا ما يحدث، عندما يمارس المهنة بعض الطارئين عليها، فهل تلتفت الجهات المعنية إلى نجوم السوشال ميديا، عن طريق سن قوانين، تُهذِّب المحتوى المطروح بما يخدم الوطن داخلياً وخارجياً، فالأزمات تترى، ونحن في زمن الحروب الإعلامية الشرسة، فهل من وقفة جادّة؟!