محمد آل الشيخ
قطبا المعارضة والموالاة في بلاد الغرب، يختلفون على كل شيء، وهم في اختلاف وتخاصم دائم، لكنهم عندما تُصاب مجتمعاتهم بجوائح أو مصائب طبيعية أو كوارث أو أوبئة، تراهم يتحدون لمواجهة هذه النازلة، ويؤجلون تنافسهم وخصوماتهم، حتى تنجلي الغمة، وتعود الحياة إلى طبيعتها؛ بل ويقال إن العصابات الإجرامية هناك، إذا استحوذت على أوضاعهم الحياتية جوائح يكفون عن نشاطاتهم الإجرامية كما حصل مع عصابات المافيا في إيطاليا وبعض المدن الأمريكية مؤخراً، أما المنشقون السعوديون في الخارج، وبالذات المتأسلمون منهم، فهم على استعداد أن يكونوا خنجراً لكل من أراد الإساءة للمملكة كائناً من كان، أضف إلى ذلك أن الرشوة في شريعتهم المزعومة حلال، بل ومندوبة شرعاً، فأقدم منشقين سياسيين متأسلمين هما سعد الفقيه ومحمد المسعري يقبضان - كما اعترف أحدهم - من دويلة قطر، وهما منذ ما يقارب الثلاثين سنة يجعجعان في لندن، ويزعمان أنهما (يعارضان)، بينما هما يَعرضان نفسيهما لكل من أراد الإساءة أو النيل من المملكة إذا كان سيدفع، وقد اعترف بذلك حمد بن خليفة حاكم دويلة قطر المعزول في مكالمته الشهيرة مع القذافي، وذكر ذلك أيضاً عبدالرحمن شلقم في حديثه عن القذافي ومؤامرته لاغتيال المرحوم الملك عبدالله، وقد أصبحت المعارضة، لمجرد المعارضة، مهنة يسترزق منها المنشقون السعوديون في الخارج، فهم يعرفون يقيناً أنهم لا يستطيعون استقطاب أهالي قرية نائية من قرى المملكة، كما أنهم يعرفون أيضاً أن مصيرهم الموت في منافيهم كما تموت الكلاب، وأن هذه المملكة ليست (دويلة) فباركها المستعمر، ورسم حدودها، وإنما قامت بسواعد وتضحيات وجهاد أهلها، وجذورها ضاربة في أعماق التاريخ.
المنشقون هؤلاء، أو كما يسمون أنفسهم المعارضة، يمرون هذه الأيام بفرحة لم يشهدوها طوال فترات معارضاتهم، بسبب جائحة فيروس كورونا، فقد أعلنوا ضمناً أنهم يتحالفون معها، ويناصرونها، ويتمنون أن تُحدث في البلاد ما عجزوا هم ومن يمولونهم أن يحدثوه، عسى ولعل أن تلوح لهم فرصة، ليس للانتصار، وإنما ليشفوا أحقادهم، وكراهيتهم لشعب هذا الوطن، الذي وصفه المسعري في إحدى مقابلاته (بالهمج)، لأنهم لم يواكبوا ما يطرحونه عليهم؛ طبعاً السعوديون بكل توجهاتهم ربما يختلفون فيما بينهم في أمور كثيرة، لكنهم يتفقون على أن هؤلاء المعارضين ما هم إلا (أجراء) مرتشون، ومرتزقة لأعداء المملكة وعلى رأسهم دويلة قطر التي ينطبق عليها قول الأعشى:
كناطح صخرة يوماً ليوهنها
فلم يضرها وأعيا قرنه الوعلُ
فلو كان ثمة معارضة، وأن هناك عقولاً تفكر، وتفهم في أصول المعارضة (الغربية) التي يزعمون أنهم ينتهجونها، لاستغلوا هذه (الجائحة)، وأعلنوا تعليق معارضتهم، وساندوا -ولو كانوا يكذبون -الدولة في مكافحة هذا الوباء، كما تفعل الأحزاب المعارضة في الغرب التي يزعمون أنهم يسيرون على نهجها، والسؤال: هل هم جهلة إلى هذا القدر؟.. أم أنهم لو مارسوا ممارسة كهذه، وعلَّقوا معارضتهم، فإن من يموّلهم سيقطع التمويل، ويموتون جوعا..؟
وعلى أية حال فإن من إيجابيات جائحة كورونا، إذا كان لها من إيجابيات، أنها كشفت هؤلاء المنشقين، وعرَّت نواياهم، وأظهرتهم للسعوديين على حقيقتهم.
إلى اللقاء.