يوسف المحيميد
لم يتوحَّد العالم في حياتنا كما هو الآن، ويجابه عدوًا واحدًا لا جنسية له، ولا دين، ولا مذهب، ولا وطن؛ الجميع يتابع الجميع في مواقع التواصل الاجتماعي، الكل قلق ويشهد تطورات فايروس كورونا، وكيف يستمر في اقتحام أجساد البشر يومًا بعد يوم، كيف يقتل أحيانًا. الكل يتابع النشرات والمؤتمرات الصحفية والتصريحات، كثير من الدول الموبؤة فرضت حظر تجول جزئياً أو كلياً، كثير من اقتصادات الدول تدهورت، أسواق البترول، أسواق البورصة العالمية، كثير من الدول انكشفت هشاشتها، في أنظمتها الصحية، وفي أمنها الغذائي، كأنما العالم في حالة مخاض جديد، حتى السلوك الإنساني المتحضِّر عاد إلى بدائيته، هذا الإنسان الذي يتبجح بغزوه الفضاء، وينفق المليارات على اكتشاف الفضاء الخارجي، يبدو أنه نسي كوكبه الجميل، الذي يعيش فيه، ولم يعتنِ به حق عنايته، فهاجمته أصغر المخلوقات، فايروس صغير جدًا، لا تمكن رؤيته بالعين المجرّدة، يستطيع أن يفتك بالإنسان، ويسقطه من جبروته وقوته! كل العالم توحَّد ضد هذا الوباء، لم يعد الناس يبحثون عن أخبار الحروب والنزاعات بين الدول، ولا في أسواق المال والأعمال، وإنما الكل يتابع جديد المختبرات والأبحاث، ينتظر العلماء وهم يجرون بحوثهم وتجاربهم، للوصول إلى دواء لهذا الوباء المتفشي، أو الوصول إلى لقاح يحمي البشر من الإصابة به، لا يهم من يكتشف الدواء أو اللقاح، بل المهم أن يتم التوصل إليه، وأن يكون متاحًا في أسرع وقت ممكن، وأن يكون مكلفًا، وألا تبتز به بعض الدول بعضها، أو تستغله شركات الأدوية في ظل هذه الظروف.
لا نملك سوى البقاء في منازلنا، نبتهل إلى الله أن يلهم الإنسان مخرجًا من هذه الجائحة، ونردد مع شاعرنا جاسم الصحيح:
ونبقى في محابسنا نغني
بأن الأرض تولد من جديد.