الشعر هو الذي يخاطب القيم الإنسانية الكونية التي تتقاسمها كل الشعوب، فكلماته الموزونة قادرة على إحداث التغيير في الآخرين، فهناك الكثير من الأمور الإنسانية المشتركة بينهم مثل حب السلم والسلام، وكراهية الظلم والفساد والعنف والإرهاب، ومكافحة الوباء والبلاء.
يملك الشعر قدرة لا نظير لها على تنبيهنا وبعثنا من غفلتنا، يوقظ الشعر شعورنا ويدفعنا إلى العمل لمكافحة البلاء والوباء. يشهد التاريخ على اعتماده منذ العهود الغابرة لنشر القيم الإنسانية في العالم، كما أنه لا يزال إلى يومنا هذا يعد من الوسائل القادرة على إيقاظ ضمير البشرية لمكافحة كل ما تعانيه الإنسانية اليوم من فيروس كورونا الذي يهدد البشرية كلها دون تمييز على أساس العرق والدين واللغة والبلد.
الآن صار الفيروس عامل مساواة بين البشر، كما هي تعاليم الإسلام، لا يفرق بين قوي وضعيف ولا غني وفقير.. وفي هذا السياق يسهم الشعر بشكل دقيق في دعم الجهود الدولية وجهود منظمة الصحة العالمية الساعية إلى القضاء على هذا الوباء الخطير.
يذكرنا الشعر بأن جميع سكان كوكب الأرض مصيرهم مشترك ومسؤوليتهم واحدة في تخليص الإنسانية من هذا الوباء والبلاء كيف ما كانت لغتها ولونها.. ولم يكن الشعر لسان الشر والجفاء، بل إنه من سوية المشاعر إلى أرفع درجاتها، وينبذ القهر والظلم. ولعل من ضمن حسناته القدرة على توحيد موقف الإنسانية من مصيرهم المشترك في الحياة السعيدة على كوكب الأرض.
ونظراً لأهمية الدور الذي يلعبه الشعر وقدرته الفريدة على مخاطبة الناس واختراق وجدانهم بلا استئذان في كل مكان وزمان على اختلاف ثقافتهم ومراحل عمرهم، فقد استخدم لتحقيق غاية سامية تتمثل في تخليص الإنسانية من براثن الوباء والبلاء.
والشعر هو رحلة الإنسان والحياة، باعتباره الكائن الأقرب إلى مشاعر الأفراد ومطالبهم وآمالهم، والمجسد لأحلام الشعوب، والمعبر عن أسمى أشكال روحانياتهم، وهو الذي يمد الشعوب بالشجاعة من أجل تغيير أوضاع العالم ويدبّ الهلع في قلوب البشر لجعل الناس يحلمون في التخلص من كورونا.
إن رسالة الشعر رسالة خالدة، فالشاعر وهو في نوبات جنونه ينقل بصره من السماء إلى الأرض، ومن الأرض إلى السماء، فتصور له مخيلته المبدعة ما لا يراه غيره، ويستطيع أن يترجم هذه المشاعر بقلمه حروفاً آسرة، ويجسد بلسانه أصواتاً أَخَّاذَة تنقل السامع إلى عوالم الجمال والسلام الداخلي، ثم يقوم الشاعر بإعادة التفكير من جديد في علاقة الإنسان بالله ثم بالطبيعة والأشياء.
لقد أصبح الشعر إحدى الوسائل المهمة في إيقاظ ضمير الإنسان حول العالم، فضلاً على أنه أصبح من أهم الرسائل المباشرة للترابط والتراحم بين الناس. وقد حان الوقت لأن يستخدم للتوعية بضرورة محاربة فيروس كورونا لكي تنعم جميع البشرية بالحياة السعيدة على وجه الأرض.
كما أن الشعر نافذة تطل منها على تنوع البشرية الذي يأسر القلوب ويخلب الألباب، لأن الشعر يجمع قلوباً ترتعش بالحياة وتنبض بها، وهو الكائن الشعوري الذي نعيش به، يتسلل إلى الزوايا المظلمة في الحياة الإنسانية ويشعل القبس الذي ينير الحياة ويعطيها المعنى ويفرد الروح بالمحبة على وسع الكون.
الشعر يعبر عن الحياة كما يحسها الإنسان من خلال وجدانه.. ومن أهم وظائف الشعر التعبير عن الجوانب الوجدانية في نفس الإنسان. والشاعر ينظر إلى المجتمع البشري من خلال نافذة وجوده ويرصد ما تدور فيه من روابط وصلات ثم ينفعل ويتأثر بما يميله عليه المجتمع، فتجيش في خلده مشاعر وعواطف تعكسها قريحته بكل شفافية ويحاكي وجدانه المتدفق.
يحاول الشاعر من خلال قوة كلماته وسلاسة أبياته الشعرية التي تعكس مقدرة فريدة على تطويع المعاني والكلمات أن يخدم المعني والإحساس وأن يعبر عن مشاعر مكنونة تجاه الوطن والأرض والإنسان.
إن فيروس كورونا الذي اجتاح العالم انطلاقًا من الصين وينتشر في العديد من دول العالم وأصبح أكبر خطر يهدد البشرية، وفي هذا السياق يحث الشعر كل إنسان باتخاذ القرار المناسب للتخلص من هذا الوباء وإنقاذ البشرية كلها من خطورته.
** **
الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها - جامعة عالية..كولكاتا - الهند
merajjnu@gmail.com