انتقل إلى رحمة الله معالي الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن عبدالرحمن الربيعة عند خروجه من المسجد لصلاة المغرب من يوم الثلاثاء الموافق 15 من رجب 1441هـ، وكان مولده في حريملاء سنة 1361هـ.
وهو العالم الجليل والأصولي المدقق، الذي يعد من أبرز المتخصصين في أصول الفقه والمعروفين ليس فقط داخل المملكة، بل حتى خارجها. ومع معرفته الواسعة والدقيقة والتفصيلية في مجال تخصصه وكونه مرجعًا رئيسًا فيه، إلا أنه متعمق في العلوم الشرعية الأخرى، وإذا تحدث عن اللغة والأدب فكأنه أحد المختصين فيها. كما أوتي رجاحة في العقل والتأني في إبداء رأيه في أي مسألة تعرض له، فيدرس الأمر من جميع جوانبه ويتقصى الظروف المحيطة به، ثم يطلق حكمه المعلل المسبب، الذي تطمئن إليه النفس (وهذا موضوع رسالته في الدكتوراه رحمه الله)
وإضافة إلى حرصه الشديد على تطبيق المعايير العلمية والموضوعية وتحري العدل، وبتمثل ذلك في رئاسته لعدة سنوات للجنة الترقيات في المجلس العلمي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. وقد أهّلته دقته العلمية ونظرته الموضوعية إلى تولي مهام كثيرة في الجامعة كرئاسة العديد من اللجان أو عضويتها، ثم عضوية مجلس الشورى لثلاث فترات ثم عضوية مجلس القضاء لأعلى.
وفي موازاة هذا العمق العلمي والدقة المنهجية تجده لين الجانب طيب النفس لطيف العبارة إضافة إلى تواضعه الجم الذي يأسر من حوله، وكثيرًا ما تسمعه يثني على شخص أمامه أو في غيابه غالبًا وأنه استفاد منه وتأثر به في كذا وكذا... مع أن الأمر على العكس من ذلك فهم الذين استفادوا منه وتأثروا به.
تعرفت على شيخنا أبي محمد في بداية التسعينات الهجرية من القرن الماضي، عندما عينت معيدًا في كلية اللغة العربية في الرياض وكان - أسكنه الله الجنة- محاضرًا فيها منتدبًا من كلية الشريعة، وتوثقت العلاقة أكثر عندما أسس معالي الدكتور عبدلله التركي (عميد الكلية حينئذ) مجلة علمية باسم الكلية، وكان ذلك ضمن الخطة التطويرية الشاملة والمهمة التي أحدثها معالي الدكتور التركي في الكلية ومن ثم في الجامعة كلها. وتشكيل هيئة تحرير المجلة من عميد الكلية وشيخنا وأنا معهم، وكان عمل هيئة التحرير مضنيًا، إِذ تقوم بقراءة البحوث -المكتوبة بخط اليد- وتصحيحها لغويًا، وفحصها علميًا، ثم مراجعة تجارب الطباعة المتكررة؛ بسبب سوء وسائل الطباعة (الصف ثم الأوفست)، وقد يستمر العمل إلى منتصف الليل وقد كان أبو محمد دؤوبًا وحريصًا على تجويد العمل مع السرعة في الإنجاز.
وقد حدث موقف غريب من أحد الأساتذة إِذ أرسل للمجلة بحثًا رصينًا مع منهجية علمية دقيقة وأسلوب أدبي رائع مما جعل الشك يساورنا بأن هذا الأستاذ لا يتوقع منه أن يكتب مثل هذا البحث، ثم اتضح أن الخط -المكتوب به البحث- ليس بخط يده والأسلوب ليس أسلوبه، وبعد التحري والتقصي جاء صاحب البحث الحقيقي واعترف بأن ذلك الأستاذ ألحّ عليه بأن يعطيه البحث، مما اضطره إلى تسليمه إياه؛ لأنه رئيس له في بلده.
فألغي عقد ذلك الأستاذ. وأحيانًا قد نتشارك مع شيخنا أبي محمد في بعض اللجان العلمية أو الانتدابات الرسمية خارج الرياض، فترى الدقة في الرأي والتوازن في الحكم، وتجده كذلك نعم الصديق في الحضر ونعم الرفيق في السفر.
وحبا الله أبا محمد أسرة طيبة كريمة وذرية صالحة، ساروا على سمت أبيهم في الالتزام والخلق والتميز. وقد بشرني قبل وفاته بثلاثة أيام -رحمه الله- بأن ابنه عبدالرحمن حصل على جائزة التميز والتفوق في الحاسب من جامعة سان دياغو في أمريكا.
رحم الله أبا محمد الشيخ الجليل والعالم الرصين والصديق الوفي، وأسكنه الفردوس وجزاه كما يجزي عباده الصالحين.
انتقل إلى رحمة الله معالي الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن عبدالرحمن الربيعة عند خروجه من المسجد لصلاة المغرب من يوم الثلاثاء الموافق 15 من رجب 1441هـ، وكان مولده في حريملاء سنة 1361هـ.
وهو العالم الجليل والأصولي المدقق، الذي يعد من أبرز المتخصصين في أصول الفقه والمعروفين ليس فقط داخل المملكة، بل حتى خارجها. ومع معرفته الواسعة والدقيقة والتفصيلية في مجال تخصصه وكونه مرجعًا رئيسًا فيه، إلا أنه متعمق في العلوم الشرعية الأخرى، وإذا تحدث عن اللغة والأدب فكأنه أحد المختصين فيها. كما أوتي رجاحة في العقل والتأني في إبداء رأيه في أي مسألة تعرض له، فيدرس الأمر من جميع جوانبه ويتقصى الظروف المحيطة به، ثم يطلق حكمه المعلل المسبب، الذي تطمئن إليه النفس (وهذا موضوع رسالته في الدكتوراه رحمه الله)
وإضافة إلى حرصه الشديد على تطبيق المعايير العلمية والموضوعية وتحري العدل، وبتمثل ذلك في رئاسته لعدة سنوات للجنة الترقيات في المجلس العلمي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. وقد أهّلته دقته العلمية ونظرته الموضوعية إلى تولي مهام كثيرة في الجامعة كرئاسة العديد من اللجان أو عضويتها، ثم عضوية مجلس الشورى لثلاث فترات ثم عضوية مجلس القضاء لأعلى.
وفي موازاة هذا العمق العلمي والدقة المنهجية تجده لين الجانب طيب النفس لطيف العبارة إضافة إلى تواضعه الجم الذي يأسر من حوله، وكثيرًا ما تسمعه يثني على شخص أمامه أو في غيابه غالبًا وأنه استفاد منه وتأثر به في كذا وكذا... مع أن الأمر على العكس من ذلك فهم الذين استفادوا منه وتأثروا به.
تعرفت على شيخنا أبي محمد في بداية التسعينات الهجرية من القرن الماضي، عندما عينت معيدًا في كلية اللغة العربية في الرياض وكان - أسكنه الله الجنة- محاضرًا فيها منتدبًا من كلية الشريعة، وتوثقت العلاقة أكثر عندما أسس معالي الدكتور عبدلله التركي (عميد الكلية حينئذ) مجلة علمية باسم الكلية، وكان ذلك ضمن الخطة التطويرية الشاملة والمهمة التي أحدثها معالي الدكتور التركي في الكلية ومن ثم في الجامعة كلها. وتشكيل هيئة تحرير المجلة من عميد الكلية وشيخنا وأنا معهم، وكان عمل هيئة التحرير مضنيًا، إِذ تقوم بقراءة البحوث - المكتوبة بخط اليد - وتصحيحها لغويًا، وفحصها علميًا، ثم مراجعة تجارب الطباعة المتكررة؛ بسبب سوء وسائل الطباعة (الصف ثم الأوفست)، وقد يستمر العمل إلى منتصف الليل وقد كان أبو محمد دؤوبًا وحريصًا على تجويد العمل مع السرعة في الإنجاز.
وقد حدث موقف غريب من أحد الأساتذة إِذ أرسل للمجلة بحثًا رصينًا مع منهجية علمية دقيقة وأسلوب أدبي رائع مما جعل الشك يساورنا بأن هذا الأستاذ لا يتوقع منه أن يكتب مثل هذا البحث، ثم اتضح أن الخط -المكتوب به البحث- ليس بخط يده والأسلوب ليس أسلوبه، وبعد التحري والتقصي جاء صاحب البحث الحقيقي واعترف بأن ذلك الأستاذ ألحّ عليه بأن يعطيه البحث، مما اضطره إلى تسليمه إياه؛ لأنه رئيس له في بلده.
فألغي عقد ذلك الأستاذ. وأحيانًا قد نتشارك مع شيخنا أبي محمد في بعض اللجان العلمية أو الانتدابات الرسمية خارج الرياض، فترى الدقة في الرأي والتوازن في الحكم، وتجده كذلك نعم الصديق في الحضر ونعم الرفيق في السفر.
وحبا الله أبا محمد أسرة طيبة كريمة وذرية صالحة، ساروا على سمت أبيهم في الالتزام والخلق والتميز. وقد بشرني قبل وفاته بثلاثة أيام -رحمه الله- بأن ابنه عبدالرحمن حصل على جائزة التميز والتفوق في الحاسب من جامعة سان دياغو في أمريكا.
رحم الله أبا محمد الشيخ الجليل والعالم الرصين والصديق الوفي، وأسكنه الفردوس وجزاه كما يجزي عباده الصالحين.
** **
- د. عبدالله بن حمد العويشق