سهوب بغدادي
الإنسان، ذلك الكائن الهجين. فهو يجمع بين المميزات البيولوجية والسيكولوجية على حد سواء وذلك ما يجعل الإنسان إنساناً. إن تركيب الانفعالات والأفكار وتداخل المشاعر وتنوّعها ينم عن مدى عظمة الخالق الذي اجتبانا عن بقية الكائنات الحيَّة.. نعم، قد تعي الحيوانات المشاعر الأساسية التي تمكنها من الاستمرار والبقاء على الكوكب كالخوف والجوع والغضب وما إلى ذلك، إلا أن مشاعر الإنسان قد تتضمن أكثر من شعور في آن واحد، وهذا ما سيشكِّل إضافة إيجاباً أم سلباً على حياة الشخص. هنالك حب ممزوج بالخوف مثلاً كحب الأم والأب فحبهما لأطفالهما قد يتصاحب بالخوف من ثم الغضب تباعاً، وهذا مثال بسيط في سياقنا المعني، في حين يقع الكثير من الأشخاص في دوامة قاتلة من إسقاط مشاعر الآخرين في حياتهم وتقمّص ردود أفعالهم- القدر المعقول من التقمّص مطلوب اجتماعياً- ولكن كلما همش الشخص مشاعره وتجاهلها فقد قيمته كإنسان ذي قيمة ومعنى. من هذا النسق، تبرز لنا أهم القواعد المشاعرية التي من شأنها الحفاظ على قيمة الإنسان الحقيقية ومن أهمها، قاعدة الحب، وتتمثَّل في حب نفسك في المقام الأول، وقد تكون هذه أصعب قاعدة لأننا غالباً ما نستمد الحب من طرف خارجي، فيتوجَّب على الشخص المرور بمحطات عديدة ومرة ليتمكن من حب ذاته وقد لا يصل البعض إلى بر حب الذات للأسف، وكيف لي أن أعرف أنني أحب ذاتي ببساطة، عندما يحين ذلك الوقت الذي يتوقف فيه أعز الأشخاص عن حبك لن تشعر بالنقص بتاتاً؛ لأن كل حب فوق حبك لذاتك يشكل إضافة، فلا يمكن أن تجد نقصاً في شيء مكتمل من الأساس. من ثم تأتي قاعدة المبادئ، فكل شخص له قوانين و خارطة فكرية فلا تتنازل عن هذا الأمر أو تغيّر منها لتتماشى مع الركب دون أدنى تفكر في أبعاد التغيير، قد يكون التغيير منوطاً بالمعتقدات أو الآراء، ونرى العديد من الأشخاص يتجنبون إبداء رأي غريب أو مختلف مخافة على منظرهم أمام الآخرين. والقاعدة الثالثة متعلقة بالقيمة، فقيمة الإنسان تأتي من الأمور المعنوية لا المادية أي أن قيمة الشخص لا تزداد بزيادة مقتنياته المادية المحسوسة، بل بما يكنزه في روحه ولبه من علم وأخلاق وقيم. فيما نأتي إلى القاعدة الرابعة المتمثلة في الإيمان، بالطبع الإيمان مشتق من إيماننا بالله تعالى فضلاً عن الإيمان واليقين من ذاتك وقدراتها، ذلك القدر من اليقين الكافي لكي تكمل مسيرتك في العتمة وحيداً لتصل إلى بر الأمان بالتأكد. والقاعدة الأخيرة تتمثَّل في الرسالة، فيجب أن يكون لكل شخص رسالة في الحياة يتطلع إليها ويرقى بنفسه ومن معه ليصل إلى أعتابها يوماً ما وإن طال الزمن، فالله خلقنا في هذه الأرض لإعمارها وتحقيق الأفضل دوماً.
فهل حققت جميع القواعد السابقة في حياتك؟
(أنت لست مجرد إنسان، بل أنت أكثر من ذلك بكثير).