د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** تصالحت في ناظريه مسافاتُ الرأيِ والرؤيةِ فعاش بهما غيرَ مزدوجِ المعايير، ولم يختلف أستاذُ الجامعة عن العميد ووكيل الوزارة والسفير والوزير؛ ففيها جميعِها تجلَّى الإنسانُ من غير أن يأتسر لمنصبٍ أو يأتزرَ بعباءة، واستطاع الشاعرُ الرقيقُ أن يُخفيَ معادلات الكيمياء وألقاب الدكترة والسعادة والمعالي، ووجد الناسُ بعامةِ من عرفوه فألفوه، وبخاصةِ من فهموه فأحبوه أنهم مع صورةٍ جميلةٍ لمن لم يُفقدْه الكرسيُّ وعيَ تبدله، ولم يصرفْه التبدلُ عن احترام كرسيّه.
** معادلةٌ عسيرةٌ طرفاها عملٌ وتعاملٌ يطغى جانبٌ على آخرَ فتمتد شخصيةُ الرسميِّ أو ترتدّ، لكن الدكتور عبدالعزيز محيي الدين خوجة استطاعَ أن يتوازنَ بينهما، ولم تختلف صورتُه فيهما فظلَّ قريبًا مقربًا، وخرج من وزارتي الإعلام (ومعها الثقافة) راضيًا مَرْضيًّا؛ دون أن يدخل في مدارات الرقابة والمحاسبة والصلاحيات والتجاذبات، وأظلَّت حكمتُه وبشاشتُه من ارتبط مع الوزارتين بسببٍ أو نسب، وتكررت في شخصيته سماتُ الكبار الذين لا يختلف موقعُهم عن إيقاعهم؛ فهم في الأعالي ومع المعالي.
** وهذا الملف يستكمل ما سبق أن سطَّره صاحبُكم وغيرُه في هذه المجلة الثقافية وسواها، وليُسهم غيرُنا في تأمل حياته العريضة، ولعل سيرته (التجربة: تفاعلات الثقافة والسياسة والإعلام) التي لم يتسنَّ لصاحبكم الاطلاعُ عليها بعد – تضيءُ مساحاتٍ في مسيرته الممتدة بما يتيحُ قراءتَها ويُبيحُ الحكمَ لها، وما الظنُّ أنه عليها.
** الذاتُ لا تتجزأ