رواية الأستاذ عبدالسلام الفريج (التيه في زمن النبوءات) صادرة عن دار قلم الخيال سنة 2020 في ما يقرب من مائتي صفحة.
هذه هي الرواية الثانية للشاعر عبدالسلام فريج بعد روايته الأولى (ساجدة: الموت عشقًا) التي كان موضوعها الهجرات غير الشرعية لأوروبا هربًا من جحيم الحروب.
وكأني بالمؤلف أراد أن يسترسل في كشف عورات الحروب وأثرها على المواطن المغلوب على أمره، لكنه هذه المرة أضفى على روايته قدرًا كبيرًا من الخيال العلمي مع قدر غير يسير من الرومانسية.
تتحدث هذه الرواية عن هجرة العقول البشرية؛ ليس بسبب شظف العيش وعدم التقدير في بلد المواطن فحسب؛ بل بسبب الحروب أيضًا. وكالعادة يقوم الموساد بدوره المعهود في ترصد هذه العقول لتكون نهاية العلماء على أيديهم، إذ لا مجال للعواطف في العمل الاستخباراتي لا سيما في البيئة الصهيونية.
(سعد الدين) عالم تخرج من أمريكا في تخصص الفيزياء الذرية اضطرته ظروف الحياة لأن يترك بلده (سوريا) منطلقًا عبر الطريق البري إلى الأردن باحثًا عن منفذ للحياة بعد أن سدت في وجهه السبل في بلده. ينفذ من بلده لكنه لا يستطيع الدخول إلى الأردن بحجة أنه مطلوب للعاصمة الأردنية، ويستسلم فيؤخذ إلى وكالة الطاقة الذرية ليعرض عليه العمل في الوكالة في بيئة عمل مكتملة.
يلتقي مصادفة في عمان بفلسطينية مقيمة بعد أن فقدت والديها في حادث في مانشستر حيث ولدت ودرست وتخرجت هناك.
ينجح سعد في بحوثه وتجاربه كما ينجح في إيقاع الفلسطينية في حبه لينتهي الحب بالزواج، لكنه زواج تم في السر بناء على اشتراط الفتاة الفلسطينية. ويستسلم مرة أخرى في سبيل إتمام الزواج.
لم يغب عن أنظار الوكالة الأردنية زواج موظفها سعد، ولا شهر العسل الذي قضاه في المالديف على الرغم من تكتمه على الخبر، فالعمل في الوكالة يتطلب يقظة دائمة ومراقبة للموظفين خوفًا من اختراق العمالة والتجسس. لكن ما غاب عن سعد أنَّ من ادعت أنها فلسطينية يتيمة ليست سوى يهودية جندت للإيقاع به.
لكن شغفها بسعد جعلها تقرر إنهاء مهمتها التجسسية وتسعى للخلاص منها لتعيش حياة زوجية سعيدة، وتجرب الحب الذي لم تعرف له طعمًا من قبل. لكن الأمور لا تسير كما رتبت، ولا كما أرادت فتقضي مع حبيبها في حادث تفجير سيارته.
يتركنا المؤلف في تساؤل محير: من نفذ العملية؟ أهو الموساد؟ لأن مجندته جاوزت الخط الأحمر؟ أم وكالة الطاقة الأردنية التي خشيت على تسرب أخبار بحوثها إلى اليهود؟
في الرواية تفاصيل أخرى أترك الخوض فيها لأبقي شغف الاكتشاف لمن يقرأ الرواية لاحقًا.
لكن الذي لا بد أن أبدي رأيي فيه هو العنوان الذي اختاره المؤلف لروايته، ففي رأيي لو اقتصر على كلمة (التيه) وحدها لكانت كافية للتعبير عن فحوى الرواية بدلاً من إضافة مكان التيه وزمانه الذي يبدو أنه لم يضف شيئًا مما اضطره لتقريب المراد في عنوان فرعي طويل هو (ما بين الحقيقة والخيال يتم اغتيال الإنسانية).
** **
- سعد عبدالله الغريبي