صيغة الشمري
لا شك بأن جائحة فايروس كورونا قد ألقت بظلالها السوداء على الكرة الأرضية بأكملها، ليس هناك شيء ما لم يتأثر بشكل سلبي بسببها بشكل مباشر أو غير مباشر، لكن رغم كل آثار هذا الوباء المدمر كان له حسنات عدة، بدءًا من علاقة الإنسان بنفسه وبالآخرين وحتى بعمله، صار فهمنا للحياة بشكل أعمق لن نكون معه مثل ما كنا قبله، تغيير جذري على جميع سكان الكرة الأرضية، سيكون هناك تأثير على فهمنا لعلم الإدارة بعد هذه الجائحة التي تسببت في إلحاق الضرر بجميع الجهات وإجبارها على العمل عن بعد، ستزداد إنسانية المدراء عمقاً وستخف وطأة الفوارق الإنسانية بين الموظف ومديره، سيركز أغلب المدراء على إنتاجية الموظف أكثر من عقدة المدير التي تجعل منه يقيم موظفيه حسب عاطفته أو علاقتهم به، لم يجرب أغلب المدراء طريقة العمل عن بعد، بل إن أغلبهم لا يؤمن بهذا النوع من العمل لكنه تفاجأ بأنه يستطيع إدارة موظفيه والاجتماع معهم في أي وقت شاء، بل إن بعضهم لم يجدوا حرجاً في العمل المتواصل على مدار الساعة كونهم في بيوتهم وطاقتهم مرتفعة تجاه العمل بأريحية تامة، صدم غالبية المدراء الذين كانوا يشددون على نظام البصمة وتقييم موظفيهم عبر كشف الحضور والانصراف بأن المعادلة انقلبت رأساً على عقب، حيث إنه اكتشف بأن حضور الموظف لمقر العمل ليست أهم أدوات تقييمه، ظهر أمام بعض المدراء موظفون كانوا في ذيل قائمة كشف الحضور والانصراف بتسيدهم لقائمة التميز عبر إنتاجيتهم العالية وإيجابيتهم العالية، زادت جائحة كورونا من ترابط الموظفين وإحساسهم بأن العمل كان نعمة من نعم الله عليهم وسيعودون إليه بشغف ومحبة ولن يكون الراتب أولوية قصوى وسيتراجع خلف محبة الموظف للعمل بغض النظر عن راتبه، سيتجه كل موظف بعد انجلاء غمّة كورونا بإذن الله للانضمام للعمل الذي يحبه ولن يكون هناك -في الغالب- أي موظف يذهب لوظيفة لا يحبها، كثير من المنشآت ستجعل من ضمن إستراتيجيتها خطة العمل عن بعد تحسباً لأي ظرف طارئ -لا سمح الله- كما سينهج بعض المدراء إدخال نظام العمل عن بعد في نهجه الإداري، خصوصاً أن العمل عن بعد سيضع الإنتاجية هي الوسيلة الوحيدة التي يقيَّم أداء الموظف وفقها.
الجدير ذكره أنه قبل أزمة كورونا بعدة أشهر قام أحد مدراء الشركات السعودية الكبرى بإلغاء نظام الحضور والانصراف وتقييم الموظفين حسب إنتاجيتهم لذلك عندما اجتاحت كورونا الدنيا لم تشعر شركته بأي فرق يُذكر!