سام الغُباري
في الحرب تكون هناك فرصة لازدهار أعمال السماسرة، ممن يصفون أنفسهم بـ«رجال الأبواب الخلفية»، هؤلاء هم من يتخطون الدماء والتضحيات بالحديث عن «البيع والشراء»، في كل خلية رؤوسهم مُصممة على التعاطي اللا محدود مع الأفكار الخطرة، والمشروعات الترقيعية لأخطر لغم مزروع باليمن للانفجار في وجه جارتها.
كثير من المنظمات المدنية تحولت إلى حوانيت للعقارات، عقار اليمن معروض هذه الأيام بشدة، الأكثر إلحاحًا وطلبًا في هذا السوق البشع، تتوغل في الوعي والأرقام والمحصلة والنتائج، فتظهر أن المُلاك الأصليين للعقار ليسوا جديرين بالحفاظ عليه، بينما أولئك المسAتوطنون قد يكونوا هم الأكثر براءة وبراعة من غيرهم، ويؤكد لك «السمسار» اللاهث وراء نسبته أن هذا المستوطن الطارئ سيحفظ جيرتك، بل إنه أشد الناس تمسكًا بوصية جبريل عليه السلام إلى النبي صلوات الله عليه فيما يتعلق بحقوق الجيرة وتماسك المنطقة وأمنها.
للحوثيين سماسرة أيضًا، أمثال حسين شيرازي الشهير بـ«العزي» ومحمد ناصر مصبار الشهير بـ»البخيتي»، وجوقة احتياطية تنتشر في عموم وسائل التواصل الاجتماعي لبث الألفة وإشاعة جو من الطمأنينة، هؤلاء السماسرة يدينون بالولاء إلى عرّابهم المتحصن في جبال مران، وهو لا ينهاهم عن التكسب من أي طرف مقابل عدم الخروج عن أولويات البقاء كسلطة نهائية على رؤوس اليمنيين.
في 6 فبراير 2015م، غاب هؤلاء السماسرة عن حفلة إعلان بيان الانقلاب، وحضر المسلحون لفرض الأمر الواقع، قبل ذلك بأشهر كان «حسين شيرازي - العزي» يطوف على منازل قيادات المؤتمر الشعبي العام مؤكدًا أن الهدف من احتلال صنعاء إزاحة قيادات التجمع اليمني للإصلاح فقط، وحينما قدّم الرئيس هادي استقالته إلى البرلمان الذي يسيطر عليه أنصار علي عبدالله صالح قاطعًا الطريق على محاولة الحوثيين ابتلاع شرعيته بفرض تعيينات قسرية على رأس الدولة، تحرك يحيى بدر الدين الحوثي بجحافل من المدرعات لإغلاق أبواب البرلمان، وأغلق السماسرة هواتفهم، ثم عادوا بحجج أخرى، حتى قطفوا رأس صالح!
وفي السلام الزائف فرصة أيضًا، بعد أن أصبح السلام تقليعة رائجة، فهم هذه المرة يخططون لشراء القيادات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين بتمويل سخي من دولة عربية معادية تعهدت لإيران بإعادة تمويلهم حتى تخرج طهران من ضائقتها المالية، وفي الحالات الصعبة يخرج هؤلاء للحديث عن السلام باعتباره قدرًا يُثبت سلطة الحوثيين الغاشمة، مع كثافة غادرة تنقل اليأس إلى قلوب اليمنيين من إمكانية المواجهة.
ترتكز أهم أدوات السمسار على الدعاية الناجحة لبضاعته، بعد أن تحولت الحروب الضرورية إلى مادة للبيع والشراء، وفقدت بعض الإدارات صبرها في التعامل الذكي مع الأزمة الضخمة، يسهل إيقاع المشتري في شباك الخصم اللدود، وحينما تُصفق الأبواب عليك ستدرك أنك دخلت بقدميك إلى الفخ، ووضعت قدرك في متاهة تستنزفك إلى النهاية، النهاية البشعة التي تتمنى معها أنك ما فتحت ظنًا سيئًا في الرجال والمواقف والتضحيات.
أكرر لرجال اليمن وحلفائهم، أن يغلقوا هواتفهم في وجه سماسرة المكر، أولئك الذين تستهويهم الفكرة العنصرية الحوثية، يدافعون عنها كأنها جزء من أصول الدين، تعرفهم في لحن القول إِذ يذرفون دمعًا غزيرًا على أربعة حيوانات مسروقة، وتنبهر أعينهم وتتوسع ابتسامتهم لغزوات الحوثيين التي لا تتوقف، وحين تنتشر في وسائل التواصل صور قتلى الحوثيين يبعثون إليك برسائل استنكارية على هاتفك قائلين: ما هذه البشاعة؟!، لا يرغبون أن يرى أهالي المغرر بهم جندلة ذويهم الذين يدفع بهم الحوثي إلى محارق مؤكدة، يريدونك ساكتًا كي يستمر الوهم العنصري في تأكيد دعايته باقترابه من القدس وهزيمة أمريكا!
.. وإلى لقاء يتجدد..