هناك دول تنتظر الوصول، ودول أخرى ربما تصل إلى ذروة فيروس كورونا المستجد الذي سيضربها بقوة خلال الأيام المقبلة التي ستشهد أكثر صعوبة للدول الأشد وباءً، وتتسارع الأيام بشكل مذهل، والأطباء في دول العالم يسابقون الزمن للبحث عن اللقاح الخاص له في أسرع وقت لإنقاذ البشرية من هذا الوباء الفتاك.
وربما هناك بعض النظريات التي يؤكدها بعض العلماء الخبراء في علوم الأوبئة عن ماهية هذا الفيروس، وطبيعة تغيُّره حتى أصبح شرسًا لهذه الدرجة، ولكن بعض هؤلاء ينفون بعض الأساطير والإشاعات التي تدور حوله نفيًا قاطعًا رغم أن مصدر (جائحة كورونا) لا يزال غير واضح حتى الآن.
ومن ضمن هذه أن الفيروس التاجي كان يعيش بيننا منذ سنوات، ومعرفة مصدره بالتأكيد ستساعد العلماء على تطوير علاج له؟
وبحسب بحث نشره علماء في مجلة نيتشر «الطبيعة» حلل العلماء فيروس كورونا المستجد، إضافة لأربعة فيروسات أخرى من عائلة كورونا، منها سارس «المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة»، وميرس «متلازمة الشرق الأوسط التنفسية».
واكتشف العلماء اختلافَيْن رئيسيَّيْن بين فيروس كورونا المستجد وسابقيه، أولهما اختلاف نسبة البروتين التي تربطه بالخلية المضيفة، وثانيهما اختلاف الأحماض الأمينية التي تغطي غلاف هذا الفيروس عن الفيروسات الأخرى.
وزاد من ذلك ما أوردته صحيفة «الصن» البريطانية عن نفي نظريات المؤامرة عن هذا الفيروس كما يزعم البعض في شبكات التواصل الاجتماعي بأنه تم إنشاؤه في أحد المختبرات. وذكرت الصحيفة أن العلماء قالوا إنهم قادرون على «إثبات» أن فيروس كورونا التاجي لم يصنَّع في المختبر.
لكن قصص هذا الفيروس التي تتكشف خلف الكواليس، وشهدت أحداثها أروقة بعض المستشفيات الأمريكية والأوروبية وغيرها، بالطبع مؤلمة بين المصابين والأطباء المعالجين في هذه الدول مؤخرًا، وبعض مدنها الكبرى فازدادت الوفيات في الولايات المتحدة، وتحديدًا في نيويورك وفي الشمال الإيطالي (لومبارديا)، وفي فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وكذلك إسبانيا وإيران التي لا تزال تتكتم عن الرقم الحقيقي لمجمل الإصابات أو الوفيات التي شهدتها مدنها.
الملاحظ أن (كوفيد - 19 التاجي) أصبح يضرب بقوة في بعض الدول، ويكاد يتراجع أو ينحسر كالنرويج مثلاً. لقد وضع هذا المستجد 40 % من سكان الكرة الأرضية بالعزل في وقت قياسي. رغم أن العالم يقوم على قدم وساق للمزيد من الإجراءات الاحترازية التي من أهمها فرض التباعد الاجتماعي للتقليل من عدد المصابين، وكذلك الاستعداد لمجابهته قبل فوات الأوان.
إن الآثار السلبية، وخصوصًا الاقتصادية لمرض كورونا على المديَيْن القصير والطويل، بدأت تظهر مبكرًا على الفرد والجماعة. أما القادم من الأيام فبالرغم من بوادر الأمل إلا أنها ستكون صعبة، والأوضاع السائدة ما قبل (كورونا) بالطبع لن تكون كذلك فيما بعده؛ لذا تقول منظمة العمل الدولية إن العالم سيفقد ملايين الوظائف.
وتوقعت المنظمة أن القطاعات التي ستكون الأشد تأثرًا هي: السكن والخدمات الغذائية والتصنيع وتجارة التجزئة، وكذلك قطاع الأعمال، التي ستشهد عمليات تسريح من العمل، أو خفض في الأجور.
يقول المثل الشائع «درهم وقاية خير من قنطار علاج». لقد تعددت الأسباب، والموت واحد بكورونا أو بغيره، ولكن الثقافة الفردية والمجتمعية المبكرة، وعدم الاستهانة، يلعبان دورًا كبيرًا بتلافي بعض الحسابات الخاسرة للنفس البشرية. فاتبع الخطوات التي تقيك -بعد فضل الله- شرَّ هذا الفيروس المدمر، وحاول الابتعاد عنه، وعمَّن يحمله. ارتدِ كمامتك وقفازيك، واغسل يديك جيدًا باستمرار، وتجنب المصافحة المباشرة، وابتعد عن الأماكن المزدحمة قدر الإمكان، وقبل كل هذا وذاك ابقَ في منزلك، واتبع التعليمات، وكن طبيب نفسك، وآمِن بقضاء ربك، وأنه لن يصيبك إلا ما كتب الله لك.
ندعو للمصابين بالشفاء العاجل، وقلوبنا معهم أينما كانوا.
واعلم أن هذه الجائحة العالمية لن تزول إلا بقدرة قادر، فالله وحده القائل في محكم كتابه العزيز: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (يس الآية 82).