سمر المقرن
رأيت مشهداً من فيلم قديم يتحدث فيه البطل عن فيروس يتم تصنيعه مخبرياً ليتم بثه للعالم حتى يكون وباء يضرب الكرة الأرضية!.. انتشر هذا المقطع ليوحي للمشاهد بأن كورونا مجرد مؤامرة، وأن لها أغراضها لقوى عالمية تريد تنفيذ مخطط معين.
من الناحية السناريستية للرواية فإن ناشر هذا الفيديو غرضه إخراجك من اليقين (بأننا أمام جائحة) ليضعك في مساحة مفتوحة من الريبة والتوهان، أخرجك من حقيقة التصدي للوباء إلى وهم لا نتيجة فيه سوى التخاذل عن هذه المواجهة الحتمية. نعم حتمية المعركة ضد وباء شعاره (المعركة الصفرية).. أما أن نقضي عليه أو يقضي علينا ولا مجال هنا لروايات تشتتنا عن مواجهة كورونا، وليس هناك أدنى فرصة للتفكير بشيء آخر غير تلك المواجهة؛ كلٌّ منا في خط مواجهته!
عطلّت الدول اقتصاداتها وتوقفت دور العبادة عن استقبال مرتاديها وأقفلت الوزارات أبوابها وتعطلت حركة السير في العالم ليتم التركيز على مواجهة هذا الفيروس، وما كانت نتيجة كل تلك الروايات التي تدعم نظرية المؤامرة إلا تشتيت الجهود وضخ فكرة أننا في فسحة من أمرنا وأنه بالإمكان خرق قواعد المواجهة إما بالخروج من المنزل أو بالاختلاط الاجتماعي، وهنا تكمن خطورة الإيمان بنظرية المؤامرة في كورونا!
هناك شيء اسمه (الذاكرة الاختيارية) فلو عدنا إلى الماضي لوجدنا أفلاماً أو قصاصات من صحف تتكلم عن هواتف ذكية ظهرت فيما بعد وتم تصنيعها في الواقع وهنا لا يمكن الحديث عن مؤامرة إنما عن مصادفات أو استشرافات فكرية أو إبداعية لا أكثر ولا ترقى أبداً لمرتبة المؤامرات، وحتى لا نقع ضحية عشاق نظرية المؤامرة فيجب أن نعرف أولاً ما هي أركان أيّ مؤامرة؟
أولاً: لا يمكن أن تتواطأ دول العالم وهي مختلفة السياسيات والتوجهات والمصالح، بل وحتى الأطماع في هندسة مؤامرة واحدة، ثم إن أي مؤامرة عادة تكون موجهة ضد دولة أو منظومة دول أو حتى إقليم وليس ضد كوكب بأكمله، وبالتالي كيف تكون كورونا مؤامرة؟.. وهي لا تحمل أيّ ركن من أركانها إلا في حالة أن المؤامرة من المجموعة الشمسية ضد كوكب الأرض!
سؤال أخير: إذا كانت كورونا مؤامرة فمن الدولة التي سلمت منه؟.. أجب بناءً على قاعدة (من المستفيد؟!) ولن تجد!