أحمد المغلوث
عندما أعلنت قيادة الوطن الحكيمة أنها سوف تعالج بالمجان كل المواطنين والمقيمين وحتى المخالفين لنظام الإقامة، وذلك ضمن اهتمامها بالإجراءات الاحترازية والوقائية «لجائحة كورونا» وبالتالي أتاحت الفرصة الذهبية أمام كل من يشعر بالمرض أن يسارع إلى مراجعة أقرب مستشفى إليه. أيامها أكبر وقدَّر العالم كل العالم هذه المبادرة الرائعة والكريمة النابعة من إنسانية قيادتنا التي والحق يُقال لم تبخل بشيء من أجل صحة الوطن ومن يقيم فيه، بل وحتى العالم أجمع فضخت وبدون تردد ملايين الدولارات لمنظمة الصحة العالمية دعماُ لبرامجها المختلفة في دول العالم.. ومع كل يوم تسجل وزارة الصحة إصابات جديدة جلها من العمالة الوافدة، بل أكثرها من العمالة المتخلفة والتي تعمل بدون كفالة. أو من ضمن العمالة الهاربة التي تمارس ولنقولها بصراحة أعمالاً غير نظامية. بل كثيرون منهم يعملون في إنتاج المواد المغشوشة، والملابس ذات العلامات التجارية العالمية، بل وصل الأمر إلى إعداد مواد تنظيف صحية مقلَّدة مع وضع علاماتها بحرفية دقيقة ولكنها سرعان ما تكشفها أجهزة رجال التجارة والصناعة وحتى الأمن. وما تعانيه المملكة تعاني منه دول الخليج وبحكم أن الإعلام في هذا الزمن جعل كل الأمور واضحة ومكشوفة للناس، فالمواطن في الخليج وغير الخليج شاهد ما يعرض من ضبطيات ومداهمات وحتى من خلال جولات الجهات المختصة التي تكشف سوءات هذه العمالة ومن يقف خلفها من شركات أو مؤسسات أو حتى أفراد. فليس كل الشركات ولا المؤسسات توفر مساكن مناسبة ولائقة تتوافر فيها الشروط النظامية والصحية وبخاصة الشركات الكبرى التي لديها عمالة بأعداد كبيرة... ولا شك أن الحاجة لتوفير لقمة عيش شريفة دفعت ملايين من العمالة من دول شرق آسيا للقدوم للخليج بهدف حياة أفضل. ورغم عقود العمل التي تلزمهم بها وزارات العمل والموارد البشرية في الخليج كل من يريد استقدام عامل أو عاملة ما، إلا أن ما يحدث في الغالب هو مختلف جداً. لذلك وجدنا انتشاراً كبيراً للأمراض بين هذه العمالة خاصة في المساكن المتواضعة بسبب ضيقها وغير مناسبتها وكذلك لتكدس الكثير من العمالة فيها.. ومختصر القول علينا الاعتراف بأن «الجائحة» كشفت زيادة أعداد الإصابات في أوساط العمالة وهذا كان نتيجة طبيعية وحتمية لسوء مساكن العمالة وعدم اهتمامهم بالنظافة ولعدم تباعدهم في غرف نومهم، كذلك لوجودهم داخل الأحياء القديمة التي نسبةبيرة منها هجرها سكانها لانتقالهم لمساكن جديدة وباتت بيوتهم القديمة تستعمل كمساكن للعمالة الوافدة. والعجيب أن بعض بيوت العمالة السيئة في دول الخليج باتت بؤراً للعديد من الأمراض لسهولة انتقال العدوى بينهم كما حدث مع انتشار عدوى «كورونا المستجد». وكما هو معروف فإن المساكن غير الصحية تبقى مكاناً مناسباً، بل مفتوحاً للعدوى سواء للمرضى أم للعمالة التي التي تكتسب ذلك. وكما أشار مؤخراً المتحدث الرسمي لوزارة الصحة الدكتور محمد العبدالعالي فإن جميع الإصابات كانت في أوساط العمالة.. وهذا يعني أن للعمالة دوراً كبيراً في زيادة نسبة الإصابات في المملكة.
هذا وعلى رغم من أن ظاهرة العمالة السائبة والتي وراها العديد من أصحاب الضمائر البعيدة عن الوطنية من الكفلاء أو المتسترين ما زالت ظاهرة مزعجة لدول الخليج بصورة عامة ولكل مجتمع في هذه الدول الأمر الذي يدفعنا إلى المطالبة بمعالجتها بصورة شفافة وبدون مجاملات بعدما تسببت وساهمت في انتشار عدوى الجائحة في الخليج..!