شريفة الشملان
أوبريت جميل، كلماته تحسها تخرج من القلب، الأداء جيد جدًّا، القائمون به متحمسون، وليسوا محترفين.
عندما سمعته أجَّلتُ مقالي الذي كان جاهزًا لأكتب عنه.
(بلادي سارعي) هذا اسمه، يميِّزه خروجه من القطيف، أول محطة لكورونا في بلادنا، وأول منطقة تم محاصرة الداء فيها، وأول من لقي العناية والتعقيم؛ فكانت الجهود منصبّة على مدنه وقراه كلها، صغيرها وكبيرها. والذي يفتح خارطة الوطن يجد امتداد القطيف واسعًا وكبيرًا، ولها مكانة خاصة، ليس في جغرافية الأرض فقط، لكن في جغرافية الغذاء أيضًا. واحة نخيل جميلة، سرق منها الامتداد العمراني الكثير.
لها ساحل طويل جدًّا يحاذيها، ظهر منها تجار اللؤلؤ وغواصوه، عُرفت بأساطيل بواخرها للتجارة، كما الخليج العربي عمومًا، خاصة مع الهند قبل وبعد تقطيعها لأربع دول.
القطيف الواحة الجميلة، كما أنتجت شعرًا وأدبًا، ترافق معه فن، ولم ينقطع ذلك أبدًا؛ فكان رمضانها رمضان جميلاً، تُقام فيه فعاليات جميلة، وتشارك المناطق الأخرى.
حتى بداية كتابة المقال يوم الاثنين 20-4 تناقصت حالات كورونا، وصلت إلى صفر لخمسة أيام. كانت البداية بتعقيمها، واكتشاف الحالات مبكرًا. أتت نتائجها الجميلة، وربما أصبحت الآن تخشى أن يردها من المناطق المجاورة ما يقلق وضعها.
تمد القطيف الوطن ليس فقط بالأدب والثقافة، بل بجزء أساسي في سلة الغذاء اليومي: الخضار والأسماك التي تكاد تمثل ثلث أسماك الوطن المشهورة بتنوعها.
رجالها عاصروا بدايات ظهور البترول، وعملوا بأرامكو؛ ومن ثم تثقفوا مبكرًا، وذهبوا في بعثات للعالم، وأكبرها كانت لأمريكا؛ لذا تجد رجالها الكبار يتكلمون الإنجليزية بطلاقة مع لهجة أمريكية.
لم يكن اختلاف المذهب حائلاً، ولم تكن الدولة لتفرِّق بين مواطنيها؛ فكانت المناصب والبعثات الحكومية أيضًا من نصيب القطيف كغيرها من المناطق، بل ربما أخذت أكبر باعتبار أن الآباء الذين درسوا وسافروا كانوا حريصين جدًّا على ثقافة وتعليم أبنائهم، خاصة في العلوم الطبية.
إحدى صديقاتي لها أربع بنات وولد، ثلاث بنات وولد أطباء بتخصصات مختلفة، عيون وقلب وطوارئ وأسنان. الكليات والتعليم والبعثات والمناصب مفتوحة لمن يستحقها.
والآن أعود للأوبريت الجميل وجماله، إنه صادر من القلب، ومَن كتبه لم يسأله أحد أن يكتب، ولا من عمل المونتاج الرائع له، ولا المنشدون في الخلفية. الكل تطوع لإنتاج وإظهار هذا العمل الفني للعالم. خلال 45 يومًا كان العمل قد جُهّز. كلمات الأوبريت من شعر الشاعر حبيب المعاتيق. سأكتفي ببعض أبيات منه:
((يا بلادي سارعي وخذي أدوارك للمجد في العليا
يا بلادي سارعي، واسعي للمجد بنا سعيا
يا بلادي سارعي، يا درة أمصار الدنيا
يا بلادي سارعي، أبدا تحيين كي نحيا
يا درعًا يا حصنًا وأمانًا من الأزمات
وسياجًا وسراجًا نحمله في الظلمات)).
لقد أبدع الجميع في هذا الأوبريت الوطني الجميل، الذي مدته 5 دقائق و20 ثانية.
مع إدخال فيديو قصير لملكنا وأبينا وهو يتحدث عن أن الأولوية لصحة المواطن والمقيم. كما لولي العهد، هذا الشاب الطموح لمستقبل يزهر، ولمواطن قوي واعٍ.
هكذا انتهى الأوبريت بفرح وفخر بالصحة والأمن.. وهكذا هو وطننا: لحمة واحدة، وطاقة واحدة.. فماؤنا صافٍ، لا مجال للصيد فيه.
شكرًا لكم، وكل رمضان والجميع بخير.. كل رمضان ووطننا بخير، بنسائه ورجاله وكل مَن فيه.. ورمضان مبارك على الجميع.