أ.د.عثمان بن صالح العامر
اليوم الجمعة أول أيام شهر رمضان المبارك الذي يعد بلوغه نعمة ومنَّة من الرب عظيمة. يحل علينا موسم الخيرات هذا العام ونحن في العالم أجمع نمر بظرف استثنائي لا يخفى، جائحة صحية خطيرة، هزَّت الاقتصاد، وأذهلت الساسة، وفتكت بالبشرية، عجزت عن تخطيها حلول الأرض حتى هذا التاريخ على الأقل ولم يبق إلا حل السماء، فلعنا - ونحن نعيش موسماً لا كل الموسم، وفي هذا اليوم الجمعة الذي فيه ساعة استجابة لا يدعو فيها امرؤ مسلم بدعوة إلا استجيبت له ما لم تكن إثماً أو قطيعة رحم - علينا أن نرفع أكف الضراعة إلى الرب العليم الكريم، الرحمن الرحيم ونلح بالدعاء سائلينه سبحانه أن يرفع هذا الوباء ويدفع البلاء ويزيل الغمَّة عن بلادنا وبلاد المسلمين والعالم أجمع عاجلاً غير آجل، وألاّ يكلنا إلى جهدنا ولا إلى أنفسنا أو أحد سواه طرفة عين وإلا أدنى من ذلك، ويسبق الدعاء والانطراح بين يديه سبحانه الاعتراف بالتقصير والخطيئة التي هي ملازمة للإنسان، والتوبة منها، والاستغفار عنها، فبالاستغفار تستجلب الرحمات وتستمطر البركات. ورابع ما يستقبل به الشهر مع الدعاء والتوبة والاستغفار الشكر لله عزَّ وجلَّ أن جعلنا مسلمين، وعلى منهج السلف الصالح، ومن أهل هذه الديار المقدسة المباركة أرض الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية، وتحت قيادة رحيمة حليمة، عازمة حازمة في آن، دستورها ومرجعيتها كتاب الله عزَّ وجلَّ وسنَّة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ورايتها تزدان بكلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
إن نعم الله عزَّ وجلَّ علينا لا حصر لها ولا عد، ومن واجبنا إزاءها الشكر بالقول والفعل، بالقلب واللسان واليد، حتى نعزِّز وجودها ونضمن -بعون الله ثم بشكرنا له سبحانه عليها- دوامها (فبالشكر تدوم النعم)، وصدق الله عزَّ وجلَّ القائل في كتابه الكريم {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}.
أشرف في باكورة أيامنا شهرنا المقدس أن أرفع أسمى التهاني والتبريكات لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ولسمو سيدي ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بحلول هذا الشهر المبارك، وأشكر وأثمِّن لولاة أمرنا جهودهم الفائقة ومبادراتهم الإنسانية الرائعة في مواجهة فايروس كورونا وقايةً وعلاجاً التي جزماً سيسطِّرها التاريخ بمداد من ذهب.
أبارك لعلمائنا، لجنودنا العسكريين في الثغور والحدود ومنهم في الداخل ينظمون ويحرسون، أبارك لجيشنا الأبيض خاصة مَن هم في الصف الأمامي يذودون بأنفسهم من أجلنا نحن، أبارك لسفرائنا في الخارج والعاملين تحت إدارتهم، أبارك لكل وطني صادق مخلص، أبارك للشعب السعودي ولكل مسلم على هذه الكرة الأرضية أينما كان موقعه على الخارطة العالمية حلول شهر رمضان المبارك، وكل عام وأنتم بخير. وأعود فأذكِّر نفسي والقارئ الكريم باستغلال هذا الشهر الكريم بالدعاء {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}، ولا ننسى أن نكثر من الاستغفار آناء الليل وأطراف النهار {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، دمتم بخير، وإلى لقاء، والسلام.