ميسون أبو بكر
من خلال الإحصاءات اليومية للمصابين بكورونا والتي تنشرها وزارة الصحة السعودية تشير إلى أن عدداً لا بأس به من المصابين هم عمالة وافدة، لذلك قامت المملكة بعمل إجراءات عديدة للحد من انتشار المرض بين العمالة، أولاً أمر خادم الحرمين الشريفين بمعالجة كل من يعيش على أرض المملكة من مقيمين ومن فيهم مخالفي نظام الإقامة، ثم دعوة لجنة تنظيم سكن العمالة التي تضمها الوزارات المختلفة إلى اتباع الإجراءات الاحترازية للاشتراطات الصحية لسكن العمال، وتخصيص رقم مجاني ومباشر للاتصال في حالة الشك في الإصابة وظهور الأعراض.. هذا في المنشآت المعروفة وتتم مراقبة سكن العمالة والتأكد من أهليتها وتعقيمها المستمر بالمطهرات المعتمدة من هيئة الغذاء والدواء، لكن إن كان الحديث على نطاق أوسع من العمالة فهناك عمالة من الصعب مراقبة وضعها بدقة نظراً لعددها الكبير في المملكة ثم انتشارها العشوائي في الأحياء أو وجودها بكثرة في أحياء متكاملة أعلنت الدولة منع التجول فيها 24 ساعة والخروج أو الدخول إليها وذلك في مناطق مختلفة من المملكة.
وقد لاحظنا عدم وعي هذه الفئة البسيطة التفكير والإدراك بخطر الفيروس الذي فتك بمدن عالمية وحصد أرواح الآلاف، فازدحامهم في الأحياء المكتظة بهم وعدم التزامهم بإجراءات النظافة والتصرفات الفردية لبعضهم من المصابين بكورونا في البصق أو العطاس على أماكن يرتادها أصحاء للتسبب في إصابتهم يعد عملاً إجرامياً له أسبابه غير المبررة والتي أثارت غضب المجتمع السعودي من تصرفهم العدواني.
لعل وضع العمالة في البلدان النامية اقتصادياً يتشابه، واستخدامنا لهم يفوق بكثير دول أوروبا وأمريكا وكندا، مما يجعل أثرها السلبي في بلداننا أعلى منه في دول أخرى تلتزم بمواصفات ومقاييس لاستقدامهم، فجودة العامل الفلبيني في أمريكا مثلاً يختلف عن كفاءته في دولنا، والسائق الباكستاني في كندا وأوروبا يختلف عنه هنا، ولعل هذا من شأنه أن يقرع الجرس حول المواصفات التي لا بدّ أن تتوفر حين استقدام العمالة سواء للأفراد أو المؤسسات؛ ولعله حديث قد يطول عن معاناتنا بسبب عدم كفاءة العاملات والعمال والتي تستهلك منا أشهراً لتدريبهم حتى نظفر بالقليل من الجودة والوعي، وكم من المآسي والقصص المؤلمة عشناها على نطاق الأسرة والمنشآت الحيوية التي نتعامل معهم مباشرة من خلالها.
أعتقد أن ثقافة مجتمعنا اليوم تختلف عنها بالماضي الذي شهد استقدامهم بأعداد كبيرة ومهولة، وثقافة شبابنا يمكنها أن تتخطى استخدامهم الكبير والاعتماد المطلق عليهم كما في السابق.
وهناك خطط تنظيمية لا بد أن توضع أو تستكمل بعد زوال شبح كورونا، وتطبيق قوانين أكثر صارمة بحق من يستخدمهم بعشوائية واستهتار أو تستر مخالفاً للأنظمة ومتسبباً بكل هذه المآسي.
أذكر الحملات التي فرضتها وزارة الداخلية «وطن بلا مخالف» وهذه من شأنها السيطرة على أعداد العمالة كما التأكد من عدم وجود عامل لا يعمل تحت سقف كفيله مما يجعل السيطرة عليهم أسهل كذلك عدم تسيبهم في المجتمع وعدم وجود أحياء عشوائية تكتظ بهم وتكون مقلقة أمنياً وصحياً.
لا ننكر الرفاهية التي نعيشها بسبب وجود وفرة هذه العمالة لكن تبين الآن بما لا يدع مجالا للشك أن العمالة إن لم تنظم فإنها ستبقى قنابل موقوتة لأنها تحمل ثقافة حياتية وفكرية مختلفة عن المجتمع الذي نعيش به.
لا بدّ أن يكون دور المجتمع المدني موازياً للجهود التي تقوم بها الدولة وأن يكون كل مواطن هو رجل الأمن الأول، ولعل آلية تنظيمها مستقبلاً سيكون أسهل بعد أن أخذنا درساً قاسياً من كورونا.