كأنها جنات تجري..
من تحتها الأنهار
مزدهرة فاتنة بما فيها
من الكروم.. والزيتون
وسنابل القمح الذهبية
قالوا عنها إنها سعودية في
طيب قلوبها ونقاء نفوسها
شامية في طيبها وهوائها
يمنية في اعتدالها واستوائها
هندية في عطرها وذكائها
أهوازية في عظم جباياتها
صينية في معادن جواهرها
وعدنية.. في منافع سواحلها
يقول الشاعر:
ماء وظل.. وأنهار.. وأشجار
ما جنة الخلد إلا في دياركم
* الأندلس..
التي أحيت أوروبا
بصناعاتها وتقدمها وأدبها
كانت منبع الفنون والعلوم
ومصباح الهداية والنور..
ولم تصل أي دولة ومملكة
في أوروبا إلى بعض..
ما وصلت إليه الأندلس..
من حضارة وتقدم وازدهار وثقافة
كانت الأندلس وضاءة لامعة
لكن ضوؤها كان يشبه ضوء القمر
الذي يستعير نوره من الشمس
فبعد خروج العرب من الأندلس
حدث كسوف بقيت بعده اسبانيا
تتعثر في ظلام دامس لعقود طويلة
* كان العرب السائحين
والشعراء.. العاشقين.. إذا رأوا في اسبانيا فتاة جميلة سوداء.. الشعر.. والعينين عرفوا أنها من أحفاد عرب الأندلس، فيأخذهم الوجد وتهيم بهم الذكرى.
ولكن.. ما أعمق.. الجرح..
وما أكثر.. النساء..
الجميلات.. في اسبانيا
حفيدات موسى بن نصير
وعقبة بن نافع..
وعبدالرحمن الداخل..
وطارق بن زياد وملوك الأندلس
وأمرائهم.. وأعيانهم.. وجموعهم
ذوات الشعر الأسود والعيون
التي تشبه.. عيون.. الغزلان
يقول نزار:
في مدخل الحمراء كان لقاؤنا
ما أطيب اللقيا.. بلا ميعاد
عينان سوداويان في حجريهما
وصحت قرون سبعة في تلك العينين بعد رقاد
ما أغرب التاريخ كيف أعادني
لحفيدة سمراء من أحفادي
وجه دمشقي.. رأيت خلاله
أجفان بلقيس.. وجيد سعاد
قالت: ودمشق أين تكون؟
قلت: ترينها.. في شعرك
المنساب.. نهر سواد..
في.. وجهك.. العربي..
في الثغر.. الذي ما زال
مختزنا.. شموس.. بلادي
سارت معي والشعر يلهث خلفها
كسنابل.. تُركت.. بغير.. حصاد
ومشيت مثل الطفل خلف دليلتي
وورائي.. التاريخ... كوم... رماد
ويقول أبو البقاء الرندي
في رثاء الأندلس:
لكل شيء.. إذا ما تم نقصان
فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول
من سره زمن... ساءته أزمان
ويقول المريني.. في وصف الأندلس:
أنهارها فضة والمسك تربتها
والخز روضتها والدر حصباء
وللهواء بها.. لطف.. يرِق به
من لا يرِق.. ويبدو منه أهواء
ليس النسيم.. الذي يهفو.. بما
سحرا ولا انتشار لآلئ الطل أنداء
وإنما.. أرج الند.. أستشار بها
في ماء ورد فطابت منه أرجاء
لذاك يبسم في الزهر من طرب
والطير يشدو وللأغصان إصغاء
* انتهت الأندلس..
ولكن لم تُطو صفحتها
فسبعة قرون..
كانت لامعة مشرقة
ما يزال التاريخ يحتفظ
بما وصلت إليه..
من تقدم وازدهار..
وروضة زرتها.. للأنس.. مبتغيا
فاوحشتني لذكرى سادة هلكوا
تغيرت بعدهم حزنا وحق لها
مكان نوارها أن ينبت الحسك
** **
- م. حسن الركن