د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
تحسبت السعودية منذ 2016 لمثل هذه الأزمة لتعويض أثر انخفاض أسعار النفط، فجمعت أكثر من 100 مليار دولار (372.7 مليار ريال بنهاية الربع الأول من 2020)، كما تستند السعودية على جدار احتياطي ضخم تأتي في المرتبة الخامسة عالمياً بنحو 497.3 مليار دولار بنهاية فبراير 2020 تغطي هذه الأصول الناتج الإجمالي 164.4 في المائة في 2019 بمرة ونصف وهو ما يشكل دعماً للتصنيفات الائتمانية السيادية، ولا يزال الدين أقل 4 دول في العالم.
فسرعة الإجراءات الاحترازية تدل على قدرة مواجهة الأزمات، والتصنيفات العالمية تعكس مرونة الاقتصاد السعودي وفاعلية الإصلاحات فما زالت تقييمات وكالات التصنيف الائتمانية طويل الأجل للسعودية عند A مع نظرة مستقبلية مستقرة. فالإصلاحات الاقتصادية التي حصلت في الآونة الأخيرة والتي كان لها مردود إيجابي، فكانت كل الأنشطة الاقتصادية وتحديداً التي لها علاقة بالنفط والغاز والبتروكيماويات تدعم وبشكل كبير استدامة النمو الاقتصادي للفترة المقبلة.
تعادل حزم تحفيز الاقتصاد السعودي 8.6 في المائة إلى الناتج المحلي الإجمالي لحماية العمال والأعمال التجارية وسبل العيش ولا سيما في القطاعات التي تضررت بشدة وهو بين أعلى المعدلات العالمية التي تجاوزت 226 مليار ريال (60.3 مليار دولار) تأتي بعد الولايات المتحدة واليابان فألمانيا، ولدى المصارف سيولة مرتفعة نسبة الإقراض إلى الودائع 79.2 في المائة بنحو 1.59 تريليون ريال بنهاية فبراير 2020 تستحوذ طويلة الأجل على 42.4 في المائة بدعم من تراجع الفائدة ونمو القطاع الخاص.
لم تتوقف الدولة عند حزم تحفيز الاقتصاد السعودي بل اتجهت نحو تعزيز نظام المنشآت والمستحضرات الصيدلانية والعشبية، إذ وافق مجلس الوزراء على 42 مادة تزيد القدرة التنافسية لسوق الأدوية فيها، كما يفتح نافذة جديدة لفرص عمل مستدامة بعد سماحه بالاستثمار الأجنبي في المنشآت التي تنظمها الهيئة العامة للغذاء والدواء حيث تضاعف قيمة الاستثمارات الأجنبية بأكثر من 3 مرات من 2007 حتى 2019 بلغت 1.78 تريليون ريال مع ارتفاع عدد الاستثمارات الأجنبية الجديدة بنسبة 54 في المائة خلال 2019 بالنسبة لعدد الرخص في 2018 .
فمدن تتلقى طلبات صينية وكورية لاستثمارات صناعية في الأنشطة الحيوية المرتبطة بأزمة كورونا وهناك نحو 310 مصانع مختصة في قطاعات الصحة والأدوية والأغذية تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية دون تعطل أو نقص في المواد الأولية بينها 290 مصنعاً للأغذية و20 مصنعاً طبياً في 35 مدينة صناعية، وهناك قائمة إلزامية لتوطين 100 منتج في الصناعات الطبية السعودية وسيتم إدراجها في منصة اعتماد للمشتريات الحكومية.
كما سجل الناتج الزراعي السعودي أعلى نمو في 5 أعوام يشكل 2.3 في المائة من الناتج المحلي و 4 في المائة من الناتج غير النفطي في 2019 بقيمة 61.4 مليار ريال. وتأتي السعودية في الترتيب الثالث عربياً بعد مصر والجزائر بنسبة 14 في المائة من إنتاج الدول العربية البالغ 115 مليار دولار، وتسعى السعودية إلى زيادة الزراعة العضوية تركزت في المنطقتين الوسطى والشمالية منحت 244 ترخيصاً للزراعة العضوية.
حرصت الدولة على تحصين المنشآت الصغيرة من مهددات الأنشطة التجارية وكثير من هذه المنشآت تعاني من عدم توفر السيولة النقدية والذي يتيح لها فرصة التعامل مع مثل هذه الأزمات الأمر الذي يدفع بكثير منها للخروج من السوق نتيجة عدم قدرتها على تغطية التزاماتها المالية، لذا كان التدخل سريعاً من الحكومة لسد هذا العجز في المصروفات والنفقات بل وصل التدخل إلى إعفاء 4 وافدين من دفع المقابل في المنشآت الصغيرة تصل لمدة 3 سنوات، مما كان له أثر كبير على جميع المنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر، مما سيساعدها على الثبات وإبعادها عن الاهتزازات الاقتصادية وهي ضمن جملة من القرارات التي في مضمونها دعم للقطاع الخاص.