ليس جديدًا حظر التجول؛ فأول من اخترع وسنَّ قانون حظر التجول هو والي البصرة زياد بن أبيه، وعيَّنه معاوية بن أبي سفيان واليًا عليها عام 45 للهجرة، وهو مولود بمدينة «الطائف»، فعندما تعم الفوضى أو تتفاقم المشكلات في مكان ما أو دولة معينة، فلا حل غير إعلان حالة الطوارئ، واستخدام قانون الطوارئ؛ لتقييد حركة المواطنين بالدرجة الأولى، وحظرها في أي ظرف استثنائي، ضمن مدى زمني محدد يضمن السيطرة خاصة لو كانت طامة كُبرى، كتلك النكبة العالمية من الأمراض المُعدية التي مرت بأجساد الإنسانية، منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها، لتأتينا عدوى كوفيد19، التي ما لنا منها بُد إلا بتحجيم فُرص انتشارها ضمن خطة الطوارئ الصحية، ليبدأ جزئياً حتى يعمم في حال زادت الأمور عن نصابها، لتأمن الشعوب شرورها، إذ كان الإنسان أولاً ثم أولاً ثم أولاً في كلمات خادم الحرمين الشريفين، ورؤية ولي عهده -حفظهما الله- لتنضم بهذا القرار السعودية إلى أكثر من 10 دول فرضت -كليًا أو جزئيًا- حظر التجول، مُستبقين ذلك بإجراءات وقرارات احترازية. وللتذكير فعندما تولى زياد بن أبيه إمارة البصرة بالعراق، لاحظ فوضى عارمة وعصيان واكتظاظ الناس، فقرر حظر التجول بكلمات قليلة، مخاطباً الناس يوم الجمعة، خطبة سموها «البتراء». أفنحن أجهل منه لحل مشكلة الاستهتار في الكثير من شوارعنا؟؟!! في عوالم الفضاء الإلكتروني، إذ «أعدم زياد بن أبيه ثلاثة أشخاص في البصرة خرقوا حظر التجول، أحدهم كان أعرابيًا وجدوه سائرًا في الطريق يجري خلف عنزته، واثنان من العمال السود العائدين للتو من بساتين نخيل يملكها أحد القرشيين».
وبنظري أن مواطنينا ومقيمينا لديهم الوعي البارز في مشاهدنا، غير أن البعض منا اعتاد على الأنانية وحب الذات، ولا يقيم أي وزن لحقوق الآخرين وحق الطريق، ويعدّ نفسه دائمًا صاحب الأولوية القصوى التي يجب أن ينصاع لها الجميع، ووقف تيار الخسارة والموت لأغلى من نُحب ويندم عليهم القريب والمجتمع.
إن الحقيقة الثابتة أنه من المهم أن نتخذ كأفراد إجراء احترازي يُكمن في محبة الوطن لا الأنانية في الذات، غير أنه من الأهم القيام به بصورة صحيحة، وفق ما تُعلنه حكومة الخير لملك الحزم والعزم، وإستراتيجية رؤيتها الحالمة 2030، بمحاورها الجامعة، المانعة (مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر ووطن طموح)، وإلا قد يؤدي إلى نتيجة عكسية، مثل المريضة «31» بفيروس كورونا، في كوريا الجنوبية، وعدم مبالاتها مع الأمر، عندما تعرضت لحادث مروري بسيط بمقاطعة دايجو ذهبت على إثره إلى المستشفى، وقد نصحها الأطباء لارتفاع حرارتها بفحص كورونا، لتضرب بنصائحهم عرض الحائط، فترتد على المجتمع ككل بوباء متفشٍ، لتحصل الجهات الطبيّة المختصة على قائمة تضم أسماء 9300 شخص خالطوها في التواريخ ذاتها.
فماذا نحن فاعلون أيها المواطن والمقيم، هل تحب أن تكون مصدراً للوباء بمجتمعاتنا أم تمسك بيتك، وتصون أهلك ونفسك ومجتمعك الذي يحافظ عليك بكل ما أوتي من إمكانات، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً. فـ»الوقاية خير من العلاج» فتأملها وتدبر معناها.