صار العالم، كل العالم، كمن كان يركب سفينة نوح عليه السلام! الجميع يريد أن يركب هذه السفينة لينجو! الجميع يحاول أن لا يكون متهمًا بخرق السفينة! الجميع ينشد الحياة.. والحياة لا غيرها!
الجميع يرجع إلى الله. رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ترامب يحدد يوم الأحد يوم صلاة.
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.
رئيس الوزراء الإيطالي يقول: «انتهت حلول الأرض. الأمر متروك للسماء».
{لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ}.
رئيس الوزراء البريطاني يقول: «ودِّعوا أحبابكم».
{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يغنيه}.
ها هو المصارع الأمريكي هولك هوجان يقول: «كورونا عقاب من الله، كالطاعون الذي ضرب مصر». {وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}.
هؤلاء ومواقفهم الآن تذكِّرني بقول الله -عز وجل-: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}.
ويقول الله -عز وجل-: {بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ}.
لا يُرى بالعين، ومع ذلك عطَّل أعمالاً، وهدم اقتصادات!
هل عرفت الآن كيف هي الحياة الحقيقية؟ ولمن تكون..؟!
إذا كنتُ أعلم علمًا يقينا
بأن جميع حياتيْ كساعة
فَلِم لا أكونُ ضنينًا بها
وأصرِفُها في صلاحٍ وطاعة
(أبو الوليد الباجي)
إن بعد الظلام نور..
انتظارك وتفاؤلك بالفرج عبادة بذاتها؛ لأن انتظار الفرج حُسن ظن بالله، وحُسن الظن بالله عملٌ صالح، يُثاب عليه الإنسان.
إذا ما رأيت فنون البلاء
وعزّ المحيص لفرط الحرج
فلا تحظ إلا بصبر جميل
فعند اصطبارك يأتي الفرج
لا تيأس ولو طال البلاء..
في كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- أنموذج المؤمن المتفائل بخالقه:
«إننا نعيش مرحلة صعبة في تاريخ العالم، ولكننا ندرك تمامًا أنها مرحلة ستمرُّ وتمضي رغم قسوتها ومرارتها وصعوبتها، مؤمنين بقول الله تعالى:
{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}».
أحسن ظنك بربك، وكن مع الله يكُنْ معك.
أخرج الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي)».
وها هو سيدنا علي -رضي الله عنه- يعطي درسًا في كلمات: «عِنْدَ تَنَاهِي الشِّدَّةِ تكونُ الفُرْجَةُ، وعند تضايُقِ حَلَقِ البَلاءِ يكونُ الرَّخاء».
يقول الإمام المحدث سفيان بن عيينة: «مَا يَكْرَهُ الْعَبْدُ خَيْرٌ لَهُ مِمَّا يُحِبُّ؛ لِأَنَّ مَا يَكْرَهُهُ يَهِيجُهُ عَلَى الدُّعَاءِ، وَمَا يُحِبُّ يُلْهِيهِ عَنْهُ».