م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - في الحروب الأهلية الكل يشعر بأنه ضحية.. ويلعب في حربه دور البريء.. ويرى أنه إن لم يقاتل فسوف يُقتل وليس أمامه سوى مقاومة قتله بقتل الآخرين.
2 - في الحروب الأهلية يقاتل الجميع وهم تحت شعور راسخ بأن هذا الوطن الذي يحتويهم اليوم لن يحتوي سوى فئة واحدة منهم غداً!
3 - في الحروب الأهلية يغض المحاربون الطرف عن أعدائهم في الخارج لأنهم منشغلون بمن يحاربونهم في الداخل.. فيسهل اختراقهم والتحكم بهم.. ويصبح الهاجس الذي يجتاح الجميع أن ذلك العدو الخارجي إذا لم تسمح له بأن يتحكم بك.. فسوف يتركك ويذهب ويعرض على الآخر أن يتحكم به مقابل أن يتقوَّى به لقتلك.. لذلك عليك أن تقبل تحكم الأجنبي بك حتى ولو كان ثمن ذلك فقدان استقلالك.
4 - في الحروب الأهلية إلى جانب الفقدان الكلي للجانب العاطفي فإن هناك فقداناً كلياً للجانب العقلي.. فالأحداث وردات الفعل تجاهها لا توزن منطقياً.. فاللحظة الراهنة على حساب التاريخ.. والجزء على حساب الكل.. والظاهر على حساب الباطن.. والسطح على حساب العمق.
5 - في الحروب الأهلية يكسو الغموض كل شيء.. فالحرب على الآخر مقاومة.. والهجوم دفاع.. والاستعمار تحالف.. والمتسلِّط هو المخَلِّص.. والقاتل هو الضحية.. حينها تتحول الهزائم إلى انتصارات.. وتدمير الذات إلى بناء لها.. والخضوع للاستغلال استقلال وتحرر.
6 - في الحروب الأهلية تتضرر ثقافة المجتمع.. فمرجعيتها المجتمعية هو ذات المجتمع الذي يهدم بعضه بعضاً.. وينتج عن ذلك أن سلوك الناس اليومي يتبدل.. وخياراتهم تضيق.. واحتياجاتهم تتغيَّر.. وهمومهم تزيد.. وجراحهم تتعمَّق.
7 - في الحروب الأهلية يُضْرَب الأدب والإبداع في مقتل.. فلا يعود السؤال: ماذا تبدع.. ويتحول السؤال إلى: كيف تبدع وأين؟ ويصبح المكان الآمن للكتابة أعز مطلب.. وتصبح الشمعة التي تضيء الظلام أهم من القلم للكتابة.. ويصبح تحقيق احتياجات المبدع وأسرته أكبر همومه.. مما سوف يجعل نشاط الإبداع عملاً مترفاً.. وتبعد فكرة إنتاج الإبداع أميالاً عنه.. لكن لم يذكر التاريخ أن الحروب قد انتصرت على الثقافة والإبداع.
8 - الحروب الأهلية تحدث كسوراً في هيكل أي مجتمع، وتهز بنيته المجتمعية، وتفتت كثيراً من مكوناته.. لكنها لا تستطيع أن تنتصر على المجتمع.. فالموت لم ينتصر على الحياة والدمار لم ينه الزمن.
9 - في الحروب الأهلية تتحول الحرب إلى جريمة ويتحول المقاتل إلى قاتل.. ولا يعود هناك ضحية لأن الكل ضحية.