عثمان بن حمد أباالخيل
ضيف غير مرحَّب به، لا تدري من أين سيأتي، ولا متى سيحل في ضيافتك. ضيف لا تراه، لكنه أجبرك على تغيير أولوياتك. ضيف أجبرنا على أن نتباعد عن بعضنا، تُرى هل سنتقارب قريبًا أم سيطول هذا التباعد؟ ضيف جعلنا نذرف الدموع على أحبائنا الذين لا نراهم إلا بوسائل التواصل الاجتماعي. ضيف قيَّد من تحركاتنا، وجعل حياتنا على المحك. ضيف يحل علينا من دون موعد سابق أو استئذان؛ فهو يحب أن يباغتك بزيارته قبل أن تباغته باعتذارك. أشح بوجهك، وقطّب حاجبيك، وأدر ظهرك لهذا الضيف الثقيل. الفيروس لا يطير، ولا يمشي، نحن من ندعوه ليصيبنا. هذه حقيقة لا غبار عليها.
تغيَّرت أولوياتنا. هذه حقيقة. هناك من غيرها تحت ظرف الخوف، وهناك من غيرها إيمانًا بالحذر. الأولويات الإيجابية التي غيّرت فينا الكثير، تُرى هل هي الأولويات التي ستستمر في تفاصيل حياتنا حين يرحل الضيف الثقيل، أم ستعود الأولويات السلبية كما هي؟ كل إنسان مسؤول عن قناعاته، وهي التي تحدد طريق حياته، فإذا لم يتعلم بما مرَّ به فمتى يتعلم؟ ولا أظنه سيتعلم.
في زمن كورونا سقط كل شيء، واتجه الناس إلى الله بالدعاء أن يخلِّص العالم من هذا الوباء الذي أشغل الناس في أصقاع الكرة الأرضية كافة التي تسبح في هذا الفضاء الفسيح. للأسف، هناك شريحة من الناس التسوُّق والتخزين هما أولوية، وهذا منافٍ للواقع الذي تعيشه مملكتنا الغالية، إنه الخوف غير المبرر.
الموظفون السعوديون في القطاع الخاص، وعددهم 1.2 مليون، من أولويات حكومتنا الرشيدة في زمن كورونا؛ إذ إن الدولة ممثلة في نظام ساند تعوِّض الموظفين الذين لحقت بمؤسساتهم خسائر بميزانية قدرها 90 مليار ريال، وعلى مدى 3 أشهر تغطي نسبة 100 % من السعوديين العاملين في المنشآت التي لديها (5) عاملين سعوديين أو أقل، وتصل حتى 70 % من السعوديين العاملين في المنشآت التي يتجاوز عدد العاملين السعوديين فيها (5) عمال.
الحكومة اهتمت بالمواطن الموظف في القطاع الخاص، ولم تتركه لتقلبات الأحوال الاقتصادية للمؤسسات العاملة التي تمرُّ بظروف مالية.
في ظل الظروف التي يمرُّ بها العالم، ونحن جزء من العالم، أصبح في قمة الأولويات للمواطنين والمقيمين تطبيق شعار «كلنا مسؤول». البعض لا يلتزم بهذه الأولوية متساهلاً غير مدرك مدى الخطورة التي تؤثر على المجتمع. دولتنا الحكيمة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظة الله- وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- خصصت مبالغ إضافية قدرها 7 مليارات ريال؛ ليكون مجموع ما تم اعتماده حتى تاريخه 15 مليار ريال، إضافة إلى أن الوزارة رفعت طلبات إلى نهاية السنة المالية تقدر بنحو 32 مليار ريال أخرى، وأيضًا تمت الموافقة على رصدها.
حمى الله بلادنا من كل مكروه.