د. محمد عبدالله العوين
لم تفرق المملكة وهي تواجه هذه الجائحة بين مواطن ومقيم؛ فأمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بمعالجة المصابين من مواطنين ومقيمين نظاميين ومخالفين، لم تفرق بين مواطن ومقيم؛ باعتبارهم ضيوفا على بلادنا يحظون بالرعاية وحسن التعامل.
وفي سعي المملكة الحازم وخطتها الناجحة التي حظيت بتقدير منظمة الصحة العالمية قامت وزارة الصحة بتكوين مئات الفرق الطبية لإجراء مسح نشط، والتركيز على المواقع التي يظن أنها بؤر انتشار للفيروس؛ كتلك الأحياء الشعبية المتواضعة التي يقطنها العمال، وبإجراء المسح عليهم ظهرت نسب مرتفعة جدا بينهم قياسا إلى نسب الإصابة عند المواطنين، وهو ما يشير إلى أن ثمة عوامل هيأت لتفشي الفيروس بين كثيرين منهم، ومما ساعد على ارتفاع نسب الإصابة بين العمال كما هو واضح في الإيجاز الطبي الذي يتحدث فيه الدكتور محمد العبد العالي كثرة عدد الساكنين في المنزل الواحد، حيث يتراوح العدد بين 20-40 ويعني هذا التزاحم التقارب الشديد بين الساكنين، وعدم توفر بيئة صحية جيدة، حيث يفتقر معظم المساكن العمالية إلى دورات مياه جيدة وتهوية صحية ملائمة، كما يجهل كثيرون منهم طرق انتقال الفيروس فلا يحترزون كثيراً، إما من باب عدم الوعي أو التساهل أو الثقة في النفس أو فهم معنى (التوكل على الله) خطأ.
لقد وصلت نسبة الإصابة بين غير السعوديين في أحد الأيام الفائتة إلى 91% ولدى السعوديين 9%، وتراوحت النسبة عادة طوال الشهرين الماضيين عند غير السعوديين بين 85- 90%.
نعلم أن الفيروس لا يفرق بين سعودي وغيره، ولا بين كبير أوصغير، ولابين غني أوفقير، ولا بين مدير أو مدار، ولا بين عامل ومستقدمه، لكن أرقام الإصابات العالية بين العمال تلفت الانتباه وتدعو إلى البحث الجاد عن حلول لهذا الوضع المقلق.
ونسبة 9% من الإصابات بين المواطنين لا تعد شيئا مذكورا ولا تشكل أزمة حقيقية؛ فهي نسبة متدنية جدا قياسا إلى نسب الإصابات بمئات الآلاف في دول العالم.
فهل ننتظر معالجة حازمة للعمالة (الفائضة الزائدة) عن الحاجة بعد انقشاع هذه الجائحة وتشمل المعالجة أيضا إزالة الأحياء العشوائية النابتة في بعض المدن كالطفيليات؟
وتجدر بنا الإشادة بالقرار الذي اتخذه سمو أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل ومتابعة نائبه سمو الأمير بدر بن سلطان بإزالة حي (النكاسة) العشوائي في مكة، وقد تم بالفعل، وسيستبدل قريباً بأحياء نموذجية.
ويحسن النظر إلى هذه النقاط عند بدء المعالجة: لقد ارتفع عدد العمالة ارتفاعاً ملحوظاً، ومن المهم الحفاظ على التركيبة السكانية من الاختلال، ولابد من فرض شروط قاسية على الشركات والمؤسسات والأفراد لتوفير مساكن صحية ملائمة، ويحدد الاستقدام للشركات والمؤسسات التي لديها عقود فقط، ويمنع بتاتاً الوقوف في الشوارع للبحث عن عمل، بل تتولى مؤسسات خاصة توفير الخدمة للمنازل عن طريق التطبيقات ووسائط التواصل.