محمد آل الشيخ
كلمة وزير الصحة صباح يوم الأربعاء كانت بمنزلة غيث من الطمأنينة، هطل على المواطنين والمقيمين في المملكة، وكانوا فعلاً في غاية الحاجة إليه، بعد أيام عجاف اكتنفها الخوف والقلق، فجاءت هذه الكلمة لتعيد الأمل، بعد أن اهتز كثيرًا من ارتفاع أعداد المصابين. وغني عن القول أن الحياة دونما أمل، أو حتى بصيص من أمل، يكون له انعكاسات خطيرة على الإنسان وعلى المجتمع معًا، وهذا ما كدنا أن نصل إليه، لولا تلك الكلمة التي كان لها أطيب الأثر في نفوس الناس.
وفي تقديري - وأرجو أن يكون صدر الوزير متسعًا - أن المؤتمر اليومي الذي درجت وزارة الصحة على إجرائه عصر كل يوم كان له دور رئيس في شيء من هذا الخوف، الذي تحوَّل مع ازدياد الإصابات إلى هلع، فقد كانت إدارة هذا المؤتمر في غاية الحذر وتعمد الغموض، فالمندوب يذكر أعداد المصابين، ويشير إلى عدد الحالات الحرجة، لكنه لا يطلعنا على البقية، هل هم في المستشفى، أم في بيوتهم، وهل كل من ظهر خلال المسح أن حالته موجبة يتم إدخاله المستشفى أم كيف يكون التعامل معه؟ .. أضف إلى ذلك أن إدارة المؤتمر لا تسمح للصحفيين بالسؤال مباشرة، وإنما عن طريق موظف (وسيط) في وزارة الصحة، وهذا من الناحية المهنية أضعف كثيرًا هذا المؤتمر، وجعله يبدو وكأن الأسئلة (معدة مسبقًا)، مع أنني أجزم أنها ليست كذلك.. والطريقة التي تتبعها عادة الدوائر الحكومية، كوزارة الداخلية مثلاً في مؤتمراتها، أن يباشر الصحفي بنفسه السؤال، ويُتاح له التعقيب على إجابة مندوب وزارة الصحة، ونقاشه، أما أن تنتقي الوزارة الأسئلة التي تقدم من الصحفيين، وتجيب على بعضها وقد لا تجيب على البعض الآخر، فلم يسبق أن كان هذا الأسلوب ديدناً لمؤتمرات الدوائر الحكومية إطلاقاً.
الأمر الآخر، فإن موضوع هذا الوباء خطير ومقلق بالنسبة للمواطنين والمقيمين، فحبذا أن يتولى الإجابة على الاستفسارات الصحفية وزير الصحة بنفسه، وأن يُمنح السائل الوقت للتعقيب بنفسه على بعض الإجابات المجملة، فمن يتابع المؤتمرات الطبية المماثلة لمؤتمر وزارة الصحة والتي تجرى في الدول الغربية، بل وكذلك بعض الدول العربية يجد أن وزير الصحة بنفسه هو من يتولى الإجابة، وإن كان ثمة موضوع يحتاج أن يجيب عليه طبيب متخصص أعطى القوس لباريها. فهناك كثير من الأجوبة التي يريد الناس أن يسمعوها من الوزير بنفسه، وينتظرون من معاليه ما لديه من معلومات على أحرَّ من الجمر.
أضف إلى ذلك أن مندوب وزارة الصحة يتحدث في قضايا عن إحصاءات رقمية يستقيها المواطنون من مصادر أخرى، فتأتي هذه المعلومات وكأنها مكرورة؛ بينما يريد المواطن أن يسمع عن أعداد الإصابات، وعدد من تعافوا، وعدد الوفيات، وكذلك كم من المصابين يعالجون في غرف العناية المركزة، وأي معلومة أخرى تتعلق بالمصابين في الداخل، وكل ما زاد عن ذلك يكون المتلقي قد سمعه من خلال نشرات أخبار الفضائيات.
بقي أن أقول إن وجهة نظري في مؤتمر وزارة الصحة رأي إعلامي محض، وهذا بالطبع لا يقلل من الجهود الجبارة للوزارة ولوزيرها وللعاملين فيها التي جعلت المملكة ترقى إلى مصاف الدول ذات المنظومات الصحية المتطورة في العالم، فالأرقام التي لا تكذب تؤكد ذلك.
إلى اللقاء