رمضان جريدي العنزي
الأزمات والملمات والجوائح تعلمنا الأشياء الكثيرة، وتنبهنا لأشياء كثيرة، وتقودنا لعمل أشياء فورية لا تلكؤ فيها ولا تراخي ولا تهاون.
إن جائحة كورونا من المفترض بأنها دقت الأجراس علينا بقوة، وكشفت لنا المغطي، وشدت شعورنا بقوة لإفاقتنا من سباتنا العميق، لقد رأينا كيف تكالب علينا في هذه الجائحة بعض الوافدين غشاً وتدليساً وتزويراً ونهباً واستغلالاً للأزمة، لقد آن الأوان أن نفيق من سبات السعودة الوهمية الطويل والعليل، وآن الأوان أن يدرك أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة والكبيرة أهمية الوطن، وأهمية المحافظة عليه، وأهمية توظيف أبنائنا بشقيهم، لأنهم هم الحاضر والمستقبل، وأن يكون السعودي عندهم وهمهم أولاً وآخراً، وأن يكون ابن البلد صاحب الأحقية في التوظيف من غير منافس، وآن الأوان أن يثبت أبناؤنا قدراتهم ويشمروا عن سواعدهم للنهوض بالبلد، فالفرص كثيرة ومهيأة ومتشعبة، لقد آن الأوان أن تفتح الأبواب مشرعة لأبنائنا لأخذ أماكنهم في عملية البناء والتنمية والتعمير والمشاركة الفعالة في العطاء، آن الأوان لتغيير منظومة التوظيف ووهمية التوطين، والتخدير الذي لا يليق بنا، آن الأوان أن نجد القرارات الحاسمة والواقعية والنموذجية في عملية التوطين الحقيقي وليس التحايلي، فالخريجون والخريجات في تنامي مستمر، نراهم يحملون ملفاتهم بحثاً عن لقمة العيش محملين بالآمال والطموحات، لكنهم يصطدمون في معاقات وعقبات كثيرة، ويصطدمون بالشروط والخبرات واللغات التعسفية، ناهيك بأن أغلب القطاع الخاص ما زال يفضل الوافد على ابن البلد، وفق عقلية بائدة ورجعية ومترسخة في الأذهان، فالوظائف الدونية تعطى لابن البلد لإسكاته، والقيادية تعطى للوافد وبيده زمام الأمور يديرها كيف يشاء.
إن على وزارة الموارد البشرية العمل الفوري على توظيف السعوديين وتوطين الوظائف بعيداً عن المواربة والمحاكاة والتمهل، حتى لا تصطدم بالبطالة ومن ثم تقف أمامها حائرة. إن لدى الوزارة الوقت الكافي، لكن عليها العمل الفوري والسريع لتبديل قراراتها وخططها وبرامجها تماشياً مع هذه الأزمة وحداً من ارتفاع نسبة البطالة القادمة، فأبناؤنا وبناتنا مؤهلون تأهيلاً تاماً، ويحملون الشهادات التخصصية في كل المجالات، وهم قادرون على العمل والعطاء وعندهم في ذلك شغف كبير.
إن الأوطان لا ترتقي ولا تتطور إلا على يد أبنائها، فالوافد أتى ليستفيد فقط ومن ثم يرحل مهما طال مكوثه بعد أن جمع فأوعى، فيا وزارة الموارد البشرية، ويا أصحاب القطاع الخاص، ويا كل المعنيين، لا يحك جلدك مثل ظفرك، فلقد آن الآوان أن نلتفت لأبنائنا وبناتنا توظيفاً ورعاية وصبراً، فهم لبنات البناء، وأعمدة الاستقرار، فاجعلوا سمننا في دقيقنا، ولبننا في صميلنا، وأطلقوا الطيور الطائرة لتعود إلى أوطانها بعد التصفيق لها والإشادة.