خالد بن حمد المالك
منذ عقود من الزمن والناس يتحدثون عن خلل خطير، يتمثل في التستر على نشاطات العمالة الوافدة في ممارستها التجارة مقابل مبالغ زهيدة، تُدفع للكفلاء، في مقابل الترخيص بأسمائهم لمزاولة بعض النشاطات التجارية، وهي أصلاً للوافد الأجنبي، حتى عُدَّت ظاهرة لا تُلقي الجهات الحكومية المعنية بالاً لها، كما لو أن مثل هذا العمل لا يخالف النظام.
* *
ورغم الحديث عن هذه الظاهرة غير الموجودة إلا في المملكة، وربما في دول الخليج، فقد ظلت مسكوتًا عنها، حتى وارتفاع نبرة الصوت وحدَّة الكتابات لا تتوقف؛ وهو ما جعل الكثير من الغيورين يخافون من أن يستمر الوضع على ما هو عليه، مكرسًا لخطأ كبير؛ فيصعب مع تقادم الزمن ردم الفجوة بين النظام وما هو ضد النظام في التعامل مع قضايا مالية وحقوقية غير نظامية، أطرافها سعوديون وغير سعوديين.
* *
غير أن قرارًا مهمًّا - وإن تأخر كثيرًا - صدر الأسبوع الماضي، وأيقظ الناس على أن ما كان مسكوتًا عنه لم يُنسَ، وكان حاضرًا، ويتم تذكُّره كلما كانت هناك مشكلة، تلقي بظلالها وانعكاساتها على هذا الوضع، وتفجِّر أزمة أو بعض أزمة بين الكفيل والمكفول، بل وتشير بوضوح إلى أن هناك أزمات قادمة، وإن تأخر إعلانها، بفعل انشغال المسؤولين عنها بما يُعتقد أو يُزعم - خطأ - بأن هناك ما هو أهم منها.
* *
القرار الذي أعنيه، وأُثني عليه، وأبارك بدء تنفيذه، وأنوه بأهميته، وأطالب بتفعيله سريعًا، هو قيام وزارة الشؤون البلدية والقروية - بناء على ما اتخذه البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري - بإلزام البقالات والتموينات بتوفير وسائل الدفع الإلكتروني بدءًا من 10-5-2020، أي منذ يوم أمس؛ ويأتي تنفيذ هذا القرار ضمن توسيع دائرة المشمولين به؛ ليشمل كل محطات الوقود ومراكز الخدمة التابعة لها وكل المتاجر ومنافذ البيع؛ ولن يفلت أحدٌ من المخالفين من تطبيق أقصى العقوبات النظامية على المخالفين.
* *
هذا القرار تأتي أهميته من خدمته للاقتصاد والتجارة، وحيلولته دون التلاعب بالإيرادات، ومصادر الدخل، والتصدير، بل إنه سوف يقضي على احتمال سرقة المحال التجارية، ومن ثم وقوع الجريمة بسبب التعامل النقدي، ووفرة النقود في المحال، كما أنه يحفظ للدولة حقها في استيفاء الضريبة المضافة بمقدار 5 % لصالحها، فضلاً عن أنه يحد من التعامل بالعملة الورقية دون حاجة ضرورية لها؛ لما تشكله من أضرار صحية؛ وهو ما يجعل من هذا القرار واحدًا من أهم القرارات التي تتماشى وتنسجم مع رؤية المملكة 2030.
* *
هذا القرار هو أحد إنجازات (البرنامج الوطني لمكافحة التستر) الذي يرأسه وزير التجارة الدكتور ماجد القصبي، ويضم في عضويته كلاً من وزارة الشؤون البلدية، ومؤسسة النقد، إضافة إلى وزارة التجارة وجهات أخرى. ومن أبرز أهداف هذا البرنامج مكافحة التستر التجاري، وتنظيم التعاملات المالية للحد من خروج الأموال بطرق غير شرعية، وأن يكون عمل البرنامج بشكل كامل على الأنشطة التجارية كافة.