في ظل هذه الظروف العصيبة أمام مواجهة فيروس كورونا المستجد الذي ما زال يهدد البشرية منذ نهاية السنة الميلادية المنصرمة، هذه الجائحة ألقت بظلالها على جميع البلدان على حدٍ سواء وأثّرت على سلوكيات العيش في ظل الوضع الراهن. شهدنا تبايناً في الإجراءات الاحترازية التي قد تكون متفاوتة من حيث الصرامة من بلدٍ إلى آخر. حكومتنا الرشيدة -حفظها الله وسدد خطاها- كانت سبّاقة في اتخاذ الإجراءات الصارمة واللازمة التي قدمت فيها المصلحة العامة، وبينت اهتمامها بمصلحة المواطن والمقيم على حدٍ سواء. كانت الإجراءات متسارعة وتم تفعيلها بكل حرفية قُبيل ظهور المرض في المنطقة. قطاعات عدة بدأت بتطبيق طرق مختلفة من أجل إدارة العمل وإكمال المسيرة التنموية لهذا البلد المبارك في ظل هذه التحديات، حيث لا يخفى على الجميع أنّ قِطاع التّعليم بالتحديد قد مرّ بتحدياتٍ عدّة والتي تعنى بإدارة المنظومة التعليمية عن بُعد.
وكانت الإجراءات المقدّمة من الوزارة فعالة ومدعومة بقرارات تضع مصلحة الطلاب فوق كل اعتبار، في هذه المقالة أردت المشاركة بنقل خبرتي المتواضعة من خلال تفعيلي لبعض المنصّات التعليمية أثناء تقديم محاضراتي للطلبة عندما كنت عضواً لهيئة التدريس في جامعة جورج واشنطن في عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية.
كما يعلم من هم في الكادر التعليمي بوجه الخصوص أن أبرز المنصات التعليمية المستخدمة حالياً هي منصتي (Blackboard أو Canvas) وتستخدم للتواصل بين الطالب وعضو هيئة التدريس لرفع المحاضرات ودرجات الطلبة أو إرسال التنبيهات والمهام الموكلة للطالب من خلالها. المنصات الآنف ذكرها توجد لديها بعض العيوب أو القصور مما تجعل البعض لا يجد فيها مميزات كثيرة فمن خلال تجربتي العملية هناك تعاملت مع صفوف ضخمة كان عدد الطلاب فيها قرابة ثلاثمائة طالب في الشعبة الواحدة لمرحلة البكالوريوس وكان هذا بمثابة التحدي في إدارة المحاضرة، فبحثت عن منصات تفاعلية تتناسب مع اهتمامات الطلبة بالتقنية وتعطي المساحة المناسبة لهم للتفاعل داخل المحاضرة سواء كانت المحاضرة داخل القاعة أو عن بُعد. من خلال خبرتي وجدت أن منصة (Tophat) والتي تعد منصة جديدة لديها ميزات مختلفة عن سابقاتها من عدة جوانب سوف أذكر أبرزها في هذه المقالة.
يمكن رفع المحتوى الدراسي سواء كان عبارة عن كتب إلكترونية بصيغ مختلفة أو شرائح عرض بصيغة «PowerPoint» ومن خلالها يستطيع الطلبة متابعة المحاضرة أثناء الشرح وأيضاً العودة لها لغرض الدراسة بعد الانتهاء من المحاضرة. أيضا تستطيع من خلالها أخذ الحضور بطريقة ميسرة عن طريق مشاركة الطلاب برقم يتم المراسلة عليه بالمجان ويتم أخذ الحضور من خلاله، أيضاً بالإمكان طرح الأسئلة خلال المحاضرة وتقديم خيارات للإجابة لهذا السؤال فيقوم الطلاب باختيار الإجابة المناسبة ومن ثم تخرج نسبة الطلاب وعددهم الذين اختاروا الإجابة أ وب وج، د على سبيل المثال كنوع من التفاعل داخل المحاضرة، ما يميز هذا التطبيق عن غيره هو الآتي:
بإمكان الطلاب استخدام أي جهاز للحضور والتمتع بالمحاضرة والمشاركة سواء كان هاتف جوال أو جهاز الحاسوب. ويمكن أداء الاختبارات عن طريقه ووضع شروط معينة لا تسمح للطالب بالتلاعب من خلالها وفي حال تم التلاعب يتم إخراج الطالب تلقائياً من الاختبار مع شرح السبب لذلك في حال أنه حاول مغادرة الصفحة. في حال كان الاختبار عبارة عن اختيارات متعددة أو املأ الفراغ بالكلمة الصحيحة حينئذ سيتم التصحيح تلقائياً ورصد الدرجة، أمّا في حال كان الاختبار مقالياً سيتم رصد الدرجة بناءً على تصحيح الأستاذ وسيتم جمعها تلقائياً مع الدرجات الأخرى التي تم تصحيحها تلقائياً في الاختبار. بعد ذلك سيجد الأستاذ أنّ الدرجات رُصدت في ملف مربوط باسم الطالب ويستطيع طباعة كشف درجات الشعبة كاملة من خلاله ويبين فيه اسم الطالب ورقمه الجامعي ومعدل حضوره ودرجاته المرصودة في هذه المادة.
شاركت هذه المنصة التعليمية لأن الشريحة المستهدفة فيها قد تشمل طلاب الصفوف المدرسية انتهاء بالمراحل الجامعية وأيضاً بحكم تجربتي لها خلال سنتين من التدريس ولم أجد فيها عيوباً تقنية وإن حدث أمر يوجد فريق عمل على مدار الساعة في الخدمة والمساعدة، وأتمنى من أعضاء هيئة التدريس الاستفادة من هذه المقالة واستخدام التقنية الحديثة لأنها تعطي مرونة أكثر في إدارة المحاضرة سواء كانت داخل الحرم الجامعي أو عن بُعد، أيضاً يوجد أكثر من منصة ممتازة وداعمة مماثلة لهذه لكن تمت مشاركة هذه المنصة بحكم عملي عليها.
وبالختام نُشيد بعمل وزارة التعليم العالي على سرعة التحول للتعليم عن بُعد وذلك إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهما الله- بعد صدور حزمة من القرارات الحكيمة التي فيها حفظ لمستقبل الوطن الطلبة والكادر التعليمي على حد سيان. حفظ الله قادتنا وحفظ لنا هذا الوطن المعطاء.
** **
- مشعل الهلال