رقية سليمان الهويريني
من الأمور التي قلبت بعض المفاهيم الاجتماعية وحوَّلت حياة الناس لفوضى وشكل معيشي مزيَّف هو ظهور مشاهير (سناب شات). ورغم وجود تحفظات حول محتوى ما ينشره هؤلاء المشاهير؛ إلا أنه لا يمكن إنكار مساهمة بعضهم في رفع مستوى الوعي في ظل حياة السرعة التي تجتاح العالم ووصول المعلومة بوقت قياسي مع ما يعاب على ذلك من ضعف المصداقية وعدم التثبت!
ولعل من المآخذ على بعض مشاهير سناب شات هو السلوك التافه الذي تسبب بخرق نسيج المجتمع، مما نتج عنه تغييراً في بنيته ونسقه، ونشر فكراً استهلاكياً غريباً عليه من خلال الاستعراض بالشراء غير المنضبط، وهو ما جرَّ بعض الشباب لتقليدهم إعجاباً بهم. ونشأ جيل عازف عن العمل الوظيفي، مفضِّلاً التوجه لتسجيل مقاطع مصطنعة أو سخيفة طلباً للشهرة والمال، فمظاهر الثراء تبدو على هؤلاء المشاهير دون وظيفة أو التزام بدوام عمل. فهي وظيفة سهلة ومستساغة لاسيما لدى بعض الأطفال والنساء والشباب!
والمقلق ظهور أشخاص في سناب شات قاصرين فكرياً يقودون المجتمع نحو ثقافتين إحداهما الشره في الاستهلاك بشراء الماركات الغالية، والأخرى الاستجداء والشحاذة بطريقة احترافية واستغلال بعض الظروف الأسرية لديهم للحصول على مال أو كماليات، والمدهش هو تفاعل رجال الأعمال معهم بغرض الدعاية لمنتجاتهم، وترحيب بعض أفراد المجتمع بهم.
والمشاهد والملموس هو تضخم الثروة في حساب شخص مشهور بحسب تصريحاته وتباهيه بذلك، وهو أمر خطير، حيث ينبغي أن تقتصر الإعلانات على الصحف والقنوات التلفزيونية وبعض المواقع الإلكترونية والشركات الدعائية لأن مردودها سيعم عدداً كبيراً من الموظفين بدلاً من تركزها في يد شخص واحد، وستساهم أموال الإعلانات بتوظيف عدد كبير من الشباب وتقليل البطالة.
العجيب هو ما صرَّح به أحد المشاهير من تعاسة بعضهم وتعرّضهم للاكتئاب بسبب أن حياتهم أصبحت مشتتة ومزيَّفة، لأنهم فقدوا حريتهم وشخصياتهم الحقيقية وتحولوا لأدوات ووسائل في يد التجار، فخسروا بساطة الحياة ومعنى السعادة التي تكمن بالشغف والسعي خلف الأحلام وليس في تحقيقها. وحياة دون شغف هي أسى وكآبة!