منصور بن شليويح العنزي
بلدنا ولله الحمد والمنّة بلدٌ مترامي الأطراف ويعتبر شبه قارة حيث تبلُغ مساحة المملكة العربيَّة السُّعوديَّة ما يزيد على مليوني كيلو متر مُربَّع، ومُتوسِّط عدد السُّكَّان أكثر من ثلاثين مليون نَسَمة، وهي بلد مُتنوِّع من حيث العادات والتَّقاليد واللهجات، وتمتلك المملكة ثروات معدنية وبترولية لا حصر لها، وتتَّسم بموقعها الحيوي بين قارَّات العالم، والشَّاهد أنها دولة تمتلك جميع المُقوِّمات التي تُساعد في بلوغ مُستوى مرموق من التَّقدُّم والتَّطوُّر، وفي أقل فترة زمنية، ومن خلال الأزمات التي مررنا بها سواءً أكانت أزمات لها علاقة بالإنسان أو أزمات خارج يد الإنسان مثل أزمة - كورونا كوفيد 19 - إلا أننا نقف صفاً واحداً تجاه ما يعكر صفو بلادنا أو يحاول النيل من وحدتنا ولحمتنا الوطنية. من خلال ذلك ننطلق نحو بناء الانسان السعودي المتطور نحو مجتمع حيوي.
ولقد عدَّد الخُبراء المُعوِّقات التي يُحتمل أن تقف حجر عثرة أمام بناء أي مُجتمع حيوي ناجح ومن بين ذلك شُيوع بعض المفاهيم والخصال السَّلبيَّة، مثل: الكُره، والكِبر، والطَّمَع، والأنانية، والعُنصرية، بين أفراد المُجتمع، وبعضُ الكُتَّاب لدينا يمُرُّ على ذلك مُرور الكرام على اعتبار أن شُغلهم الشَّاغل هذه الأيام هو الإشكاليَّات التي لها بُعد اقتصادي، وفي ذلك يُفصِّلون كثيرًا في النَّظريَّات والإحصائيَّات الاقتصاديَّة، ويُحاولون أن يجدوا أرضيَّات مُناسبة لتلك النَّظريَّات على أرض الواقع، مع استعراض يومي لأهم الإنجازات والرقميات داخل المملكة، وبالطبع لا ينبغي أن ننسى في خِضَمِّ ذلك فروع النفقات والمصروفات، والعوائد المُنتظرة مُستقبلًا.
وحتى لا يتَّهمني أحد بأنني ضدَّ النَّظريَّات الأكاديميَّة في المجال الاقتصادي، وغيرها من المجالات الأخرى، وأهمية تطبيق ما هو مُناسب منها بالنسبة لنا، وبالطبع فإن هذه النَّظريَّات ساعدت كثيرًا من المُجتمعات على التَّطوُّر والتَّقدُّم، وللعُلماء والأكاديميين كامل الاحترام والتقدير، وعلى وجه الخصوص من يرغب منهم في تطوير بلادنا الحبيبة، وَمِنْ ثَمَّ الوصول لمصاف الدول المتقدمة، ومنهم من أتابعه على وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال مقالات في الصحف، وتُعجبني آراؤهم وفكرهم المُنظمة المُنضبطة.
إنَّ ما يعنينا في المقام الأوَّل هو الاهتمام بتنمية الإنسان ذاته، وتطويره من الناحية الاجتماعيَّة، حيث إن الفرد هو وحدة التنمية الشاملة، ومن دونه لن نستطيع تطبيق خُطط، حتى لو جئنا بأعظم الخُبراء على مُستوى العالم في مُختلف التخصُّصات، وإذا ما تحقق لنا ذلك فلن يكون هناك أي صُعوبات في تطبيق السياسات والبرامج التي يتم وضعها من جانب مُتخذي القرارات، في سبيل تحقيق رُؤية 2030م، وسنجد الجميع يعمل بكل جِدٍّ وإخلاص وحُب، ودون ذلك الحب لن يتحقَّق الإبداع والتطور.
ومن بين الوسائل التي يُمكن أن تُنمِّي أخلاقيَّات ووعي المُواطنين اجتماعياً دعوة لعقد المؤتمرات والندوات واللقاءات من خلال مراكز البحوث الاجتماعية والإنسانية، وكذلك تقديم بعض البرامج في القنوات الفضائية، لوضع (ميثاق اجتماعي) وتعزيز الشخصية والهوية السعودية بمفهومنا الحديث يوضح فيه مفاهيم وقيم متعددة، مثل: المحبَّة، والإيثار، والتَّعاون، والإخلاص في العمل، والتَّفاني من أجل محبة الأرض ورفعة شأن الوطن، وكذلك توضيح الآثار السلبية التي يُمكن أن تنجُم عن التخلِّي عن تلك القيم النبيلة، مع تعزيز الدور المحوري الذي يجب أن يلعبه الوالدان في غرس الأخلاق القويمة في نفوس أبنائهم، وكذلك للمؤسسات التَّعليمية بمُختلف تصنيفاتها دور كبير في دعم أواصر المحبَّة والتَّآخي والمودَّة بين الأجيال الجديدة، ووضع مناهج وبرامج متخصصة في الشأن الاجتماعي تعنى بتعزيز الشخصية السعودية وبناء هوية وطنية تحت إطار واحد. مع أهمية الوقوف بقُوَّة أمام من يعكر ذلك الترابط والتلاحم، وإذا لزم الأمر سن القوانين المُشدَّدة وتطبيقها على من يُريد أن يشُقَّ الصَّفَّ، ويُعطِّل المسيرة التي بدأت، ولن تتوقف بإذن الله تعالى.