يوماً بعد يوم تتضح مساحة الجهود العظيمة التي يؤديها وطننا الكبير المملكة العربية السعودية سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي في التصدي للجائحة الصحية التي تضرب العالم، وظهر وطننا في هذا الظرف الراهن دولة لها الدور المحوري في الواجهة سواء على الاتجاه الصحي أو اللوجستي أو الإغاثي.
بالأمس أعلنت وزارة الصحة عن البدء في دراسة سريرية متقدمة لمكافحة جائحة كورونا، اللافت في هذه الدراسة أنها متعددة المراكز في سبعة مستشفيات بالمملكة هي مستشفى الملك فيصل التخصصي، والمدينة الطبية بجامعة الملك سعود، ومستشفى الأمير محمد بن عبدالعزيز بالرياض، ومستشفى أحد بالمدينة المنورة، ومستشفى النور بمكة المكرمة، ومستشفى الدمام المركزي، ومستشفى القطيف المركزي. وإذْ بهذه الدراسة تهدف إلى تقييم أربعة بروتوكولات علاجية تشمل عقارات (Hydroxychloroquine)، و(Lopinavir/Ritonavir)، و(Remedisivir)، و(Interferon).
نعم، فالعقارات هذه لها خصائص مضادات الفيروسات، أو تحاكي بعض طرق الاستجابة المناعية للفيروسات، وتعطى بطرق مختلفة، مثل: الفم والوريد. وتستهدف الدراسة المرضى ذوي الأعراض المتوسطة والشديدة، وقد أثبتت بعض هذه العقارات فعالية أولية في الدراسات المخبرية.
ولأنَّ القيادة الحكيمة تدعم كل الجهود التي تحقق تأثيراً مباشراً في جودة حياة الإنسان، وترى أن دورها رئيسي في بلوغ ذلك عبر الدعم والإصرار والاستثمار المبكر في العلوم المتقدمة، لاسيما في ظل الخسائر البشرية المؤلمة، وآثار الخسائر الاقتصادية في كل ناحية وحالة الشلل العالمية والإجازة الإجبارية على كل الأراضي لا تظهر نهايتها في الأفق، الذي يحتم على المملكة أن تلعب دورها في تقرير مصيرها في مواجهة الجائحة، فقد أدخلت عدداً من المرضى المصابين بفيروس «كورونا» الجديد في يوم إطلاق التجربة السريرية نفسه، والسبب بسيط أن الإرادة القوية التي تقف في مساندة هذه الدراسة، إرادة خير، شبيهة بالإرادة التي وقفت في ضمان وسائل نجاح مبادرات التضامن والتعاضد في هذا الظرف الراهن، حتى حاز وطننا مؤخراً شهادة تقدير عالمية من أعرق المؤسسات العالمية بأنه نجح في مجاوزة التحديات الحالية بكل كفاءة واقتدار.
سلسلة من الأفعال المضيئة، تضيف إليها كل يوم أفعالاً جديدة، في مسار التحصين من هذه الجائحة ليس على المستوى المحلي فقط، بل والمستوى العالمي، لأنّ طريق الخير للإنسانية يتحكم في سياساته، ولأنه على مدى العقود الماضية عمل على إيجاد قوالب معاصرة للعمل المشترك مع العالم للخروج من نفق الصدمات والأزمات.
اليوم يثبت وطننا الكبير المملكة العربية السعودية بالقول والفعل أنه وطن أبحاث وعلوم، وأن بإمكانه أن يكون قادراً على التأثير بالإيجابية في المواجهة الصحية مع هذا الفيروس القاتل، وأن يدخل السباق العالمي في ابتكار الدواء الشافي بكل كفاءة وثقة واقتدار. هو رهان وطني بمكانته الطبية نفسها وما يحمله من طموحات بتوفير الدواء، وهو دليل علمي بأن الاهتمام العلمي في وطننا في الاتجاه الصحيح، وكما يجب أن يكون.
رغم مساوئ الجائحة، إلا أنها أبرزت لنا عن قدرة أبناء الوطن في التعامل مع الظروف الراهنة، مهما تعددت سواء في ميادين المعارك وفداء الوطن، أو ميادين اكتساب العلوم في مسار الأبحاث العلمية الطبية، أو في ميادين الأعمال الإنسانية والإغاثة شرقاً وغرباً.
وبقدر ما في هذا الظرف الراهن من أضرار عبر العالم، فقد جاء ليمتحن قدراتنا من جديد على المواجهة والصمود، فكان ابن الوطن حاضراً وجاهزاً، لأن التنشئة قوية وصلبة، ومراحل التأهيل مهنية وعملية وعلمية. لكن الأهم في هذه المحاولة البحثية أن يكون حليفها النجاح بإذن الله تعالى.
وطننا يضيء روح التضامن الصحي الإنساني العالمي، بالإعلان عن بداية الدراسة السريرية المتقدمة لمكافحة جائحة كورونا، وكلنا ثقة بأن يضيء الجرح على واجهة تصحيح اتجاه البوصلة وتعويض تقصير العالم وتقديم الصحة والسلامة على كل اعتبار.
المملكة العربية السعودية، في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- قادرة على أن تضيء للعالم نموذج وروح التضامن الصحي الإنساني العالمي.