«الجزيرة» - ماجد البريكان:
فيما تواصل الصناديق العقارية في المملكة تراجعها المقلق والمخيف في ظل جائحة كورونا، يتفق المتخصصون على أن هذا التراجع أمر طبيعي جداً ومتوقع، خاصة أن جميع القطاعات الاقتصادية في المملكة - بلا استثناء - قد تراجعت هي الأخرى بسبب الجائحة، وتكبدت خسائر فادحة قابلة للزيادة إذا ما بقي الأمر على ما هو عليه.
ويتفق المتخصصون ثانية على أن مستقبل الصناديق العقارية بكل أنوعها، ضبابي لا يمكن التكهن به، خاصة أنه لا يوجد وقت محدد لإنقشاع الجائحة وانتهائها.
توافق المتخصصين، لم يمنع من وجود اختلاف بينهم بشأن مستقبل هذه الصناديق بجميع أنواعها، حيث توقع البعض أن تشهد المزيد من التراجع تباعاً وفق مستجدات الجائحة، في المقابل، لم يستبعد البعض أن تزول هذه الجائحة قريباً، وبالتالي تستعيد الصناديق العقارية الثقة فيها كأوعية ادخارية في المجتمع السعودي. وقالوا: «حتى يتحقق هذا الأمر، فقد تشهد الصناديق العقارية بنوعيها المزيد من التراجع، وربما الثبات وفق ما يرد من الجائحة».
صناديق الاستثمار
البداية كانت لدى يحيى الحجيري الذي قال: «الاقتصاد العالمي بكل قطاعاته تضرر نتيجة جائحة فيروس كورونا المستجد والعقار في مقدمة هذه القطاعات، خاصة، والضرر الأكبر تركز في الصناديق العقارية».
وأضاف: «صناديق الاستثمار العقارية تعد أوعية ادخارية استثمارية لرأس المال في القطاع العقاري، وهذه الصناديق واجهت ضرراً حالها كحال مسارات الاقتصاد، وكذلك صناديق الاستثمار الأخرى التي تضررت».
وأشار الحجيري إلى أن «صدور قرار عمل النشاطات المحددة، ساهم بشكل جزئي في تخفيف القيود بعدم إشعار الصناديق بطلبات جديدة، ومن بين هذه النشاطات المجمعات التجارية، التي تستثمر فيها صناديق الاستثمار العقارية».
وأضاف «هنا أود أن أشير الى أن هناك صناديق استثمارية عقارية، بدأت تستثمر في عقارات في الحرمين الشريفين، وفنادق في مناطق المملكة بجانب عقارات أخرى، لهذا أتوقع أن تتأثر الأعمال سلباً بالتقلبات الاقتصادية المستمرة في الأسواق المحلية والعالمية»، موضحاً أنه «من الصعب حالياً تحديد الأثر الكامل على أداء صناديق الاستثمار العقارية، خاصة أنه لا توجد مدة زمنية مؤكدة بشأن استمرار هذه الجائحة، والتدابير الاحترازية المتبعة للحد من انتشار هذا الفيروس».
الشقق السكنية
ومن جانبه، قال علي محمد الحازمي: «من وجهة نظري، أرى أن أزمة كورونا أتت على الأخضر و اليابس، وأصابت جميع المجالات الاقصادية». وقال: «المحافظ العقارية جزء من المنظومة الاقتصادية، وبالتالي تأثرت بالجائحة سلباً». وقال: «كما هو معلوم فإن تلك المحافظ تضم أصولاً عقارية متنوعة، مثل الشقق السكنية ومراكز التسوق والمحال التجارية والفنادق، وهذه الأصول تأثرت بشكل مباشر، خاصة الأصول العقارية التجارية مثل المراكز التجارية التي تبلغ في بعض المحافظ العقارية نسبة 70 %».
وقال: «ما يفاقم الأمر سوءاً هو المدة الطويلة والمفتوحة للتأثير الاقتصادي بسبب هذا الفيروس، والتدابير الاحترازية التي لا يمكن التفريط فيها وتؤثر في دخل هذه الصناديق، وبالتالي فإن حالة عدم اليقين تخيم على أداء الصناديق، ما يعطي مؤشرات سلبية مستقبلية لتلك الصناديق».
وتابع الحازمي «الصناديق العقارية حتماً تأثرت وستتأثر أرباحها مستقبلاً، مما ينعكس سلباً على توزيعات الأرباح على المساهمين». وقال: «على الرغم من أن العديد من تلك الصناديق حاولت تخطب ود المستأجرين إما بتخفيض الإيجارات أو تأجيل الدفعات، وقد وصل الأمر إلى حد الإعفاء من الإيجار لبعض الأشهر، ولكن الأمر كان أسوأ من ذلك، حيث امتنع المستأجرون عن الدفع وفق مبدأ القوة القاهرة، مما اضطر مدراء تلك الصناديق للاستفادة من الحزم التحفيزية الاقتصادية التي أقرتها الدولة، مثل تأجيل توريد ضريبة القيمة المضافة وتحويل بعض الموظفين على نظام «ساند» في دليل واضح على عمق الأزمة التي تعرضت لها تلك الصناديق».
ضبابية المشهد
ومن جانبه، قال خالد بن أحمد الدوسري: «لا يمكن التنبؤ بحجم الخسائر المتوقعة، والسبب يعود إلى ضبابية المشهد الاقتصادي».
وقال: «تأثيرات جائحة كورونا كبيرة وشاملة على القطاع العقاري بكل أنشطته وبرامجه المختلفة، وقد ضرب هذا التأيير الصناديق العقارية بجميع أشكالها في مقتل، لذا لا أستبعد أن تشهد هذه الصناديق تراجعاً كبيراً في عملياتها والاستثمارات الداخلة فيها، وأيضًا في مردودها كأوعية استثمارية يقبل عليها المواطن السعودي، وهذا التراجع مرشح للزيادة إذا ما استمرت الجائحة على ما هي عليه».
وتابع الدوسري: «قد تشهد الفترة المقبلة انفراجة في أزمة كورونا وتنقشع هذه الغمة، وإذا ما تحقق هذا الأمر، فسوف ينعكس المشهد على أداء الصناديق العقارية، التي سيعاود مؤشرها للارتفاع من جديد، وهذا الأمر ليس بعيداً وربما يتحقق في أي وقت، وحتى يتحقق هذا الأمر، لا أستبعد أيضًا أن تتراجع الصناديق العقارية بجميع أنواعها شيئاً فشيئاً، وهو تراجع من وجهة نظري مؤقت حتى زوال الغمة».