د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
هناك إجراءات سريعة تقوم بها صناديق تنموية سعودية لتعزيز المبادرات الحكومية الرامية إلى تفادي آثار جائحة كورونا على الاقتصاد الوطني. فقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة والقطاع الطبي يحظيان باهتمام كبير في هذه المرحلة من الأزمة الجارية للوصول إلى نسبة مستهدفة بواقع 20 في المئة من محفظة الإقراض موجهة إلى هذه الشريحة بواقع 118 مليار ريال، تقوم عليها البنوك التجارية وشركات التمويل والصناديق الحكومية.
فصندوق التنمية الصناعي استهدف تمويل 40 مشروعًا في القطاع الطبي. وهدف هذه المرحلة الراهنة هو الدعم بمزايا غير اعتيادية، بينما يتم النظر في 400 مشروع أخرى بقيمة تمويل مليار ريال وسط تحديات الزمن، وتوفير التمويل عاجلاً في ظل الجائحة؛ إذ هناك قائمة إلزامية لتوطين 100 منتج في الصناعات الطبية السعودية، تدخل فيها 42 مادة، تشكل نظام المنشآت والمستحضرات الصيدلانية لرفع تنافسية سوق الأدوية محليًّا، تتزامن مع طلبات تتلقاها (مدن) صينية وكورية لاستثمارات صناعية في الأنشطة الحيوية المرتبطة بأزمة كورونا.
وهناك نحو 300 مصنع سعودي في قطاعَي الطب والأغذية، تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية دون تعطل أو نقص في المواد الأولية. وهناك أيضًا شراكة سعودية - روسية لتطوير تقنيات صناعة الأدوية البيولوجية. وهذه الاتفاقية مكون أساسي في برنامج رؤية المملكة 2030 التي حرصت على رفع دعم المحتوى المحلي للصناعة الدوائية من 20 في المئة إلى 40 في المئة.
إضافة إلى توفير فرص عمل للشباب السعودي في مختلف التخصصات، وتوطين قطاع الصناعات الدوائية ذات التقنيات الصناعية العالية، وهي أحد أبرز القطاعات الاقتصادية الرئيسية من أجل الارتقاء بسوق الأدوية السعودية إلى مستويات متميزة ورائدة بهدف تغطية السوق المحلي، وتطوير قطاع التصدير إلى الدول العربية والدول الإفريقية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وهو أول مشروع في الشرق الأوسط سيعمل على تأسيس قدرات البحث والتطوير لهذه الصناعة؛ إذ يبلغ سوق الأدوية البيولوجية السعودية حاليًا 6 مليارات ريال.
الجائحة تفتح فرصًا جيدة للاقتصاد الأزرق أيضًا، وهو نافذة لصناعة أكثر استدامة لتحقيق مستهدفات الأمن الغذائي ضمن رؤية المملكة 2030؛ إذ شهدت السعودية في 30 يناير 2020 أول اتفاقية اندماج بين أربع شركات سعودية لتشكيل كيان عملاق مختص بالاستزراع المائي بقيمة نصف مليار ريال. وستشهد المرحلة المقبلة اندماج عدد من الشركات المحلية والعالمية في القطاع من خلال أنظمة الإنتاج المبتكرة والمستدامة؛ لتصبح شركات رائدة عالميًّا في مجالات استزراع الأسماك والروبيان من خلال تشغيل مزارع متكاملة وفق أحدث الأنظمة والتقنيات؛ إذ ارتفع حجم الإنتاج المحلي من الاستزراع المائي السمكي 183 في المئة خلال الأعوام الخمسة الماضية؛ ليبلغ 85 ألف طن في 2019 مقارنة بـ30 ألف طن في عام 2015 للوصول إلى 600 ألف طن من الأسماك بحلول 2030؛ إذ تتمتع السعودية بموارد طبيعية وافرة على امتداد الخط الساحلي البالغ طوله أكثر من 2600 كلم، وتصدر إلى 32 دولة بنحو 50 ألف طن، وهي من المصدريين الرئيسيين للروبيان الأبيض في عام 2018.
كذلك ارتفعت نسبة الاكتفاء الذاتي من الدجاج إلى 60 في المائة مقارنة بـ40 في المائة في 2015، كذلك بلغ الناتج الزراعي المحلي نحو 61.4 مليار ريال بالأسعار الثابتة، وارتفعت الزراعة في البيوت المحمية نحو 58 في المئة إلى نحو 407 آلاف طن في 2019 مقارنة بـ 257 ألف طن في 2015، فيما زادت الزراعة العضوية 18 في المئة لتبلغ 52.8 ألف طن.
وبلغت مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي 2.33 في المئة، وفي غير النفطي نحو 4 في المئة على الرغم من انخفاض إنتاج محاصيل الأعلاف نتيجة تطبيق قرار إيقاف زراعة الأعلاف الخضراء وعدد من المحاصيل الأخرى ذات الاستهلاك الكثيف للمياه. وشجعت في المقابل الدولة الحصول على تراخيص في مشاريع الدواجن ومشاريع الثروة السمكية، ومشاريع تربية النحل لإنتاج العسل، والبيوت المحمية، وتربية وتسمين الماشية، وغيرها من المشاريع ذات الكفاءة الإنتاجية في استخدام المياه، إضافة إلى الاستثمار في زراعة الأعلاف الخضراء خارج المملكة.