د.نايف الحمد
* كانت كلمة سيدنا علي -رضي الله عنه- أثرًا سارت به الركبان، واستخدمها الفلاسفة والكتّاب والمفسرون، وأصبحت مقولته «حقٌ يُراد به باطل» إجابة للكثير من أقوال وأفعال البشر، وتفسيرًا لما وراء الأكمة!!
* تذكرتُ هذه المقولة وأنا أتابع ردود الأفعال على مقابلة الكابتن سامي الجابر في ليوان المديفر؛ إذ سنّ البعض ألسنتهم وأقلامهم، وتباكوا في محاولة يائسة لاستغلال حديث الكابتن العفوي وزلة اللسان عن جازان والأحساء كمثال، وتحميل ذلك الحديث أكثر مما يحتمل، وهم بذلك قد سحبوا الوسط الرياضي لمستنقع كريه، يضرب في قيمنا، ويبث الفتنة المناطقية، ويكرس لمفهوم التمايز والفُرقة بين أبناء الوطن الواحد.
* هم يعلمون جيدًا أن الأسطورة والنجم التاريخي للكرة السعودية سامي الجابر، بما يملكه من ثقافة وأخلاق، لم يقصد الإساءة مُطلقًا، وقد عبّر عن ذلك بشكل صريح لا لبس فيه من خلال عدد من التغريدات في حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي في تويتر، لكن ذلك لم يكن كافيًا بالنسبة لهم؛ لأن الأجندة التي يحملها هؤلاء مليئة بالكراهية والضغينة، وهدفها النيل منه، لا الانتصار للحق.
* ما يثير الاستغراب أن هذه الحملة لم تقتصر على المشجعين أو الإعلاميين، بل تعدت إلى لاعبين دوليين، ركبوا هذه الموجة، وأطلقوا سهام النقد تجاه النجم الكبير، وحاولوا لفت الانتباه من خلال هجوم لا يمكن أن يصدر من لاعب لزميل، تربطك به زمالة لسنوات في صفوف المنتخب، خاصة أن سياق الموضوع واضح إلا لمن في نفسه هوى!!
* لقد عانى الكثيرون في وسطنا الرياضي من فئة تمتهن الاصطياد في الماء العكر، وتتبع سقطات الآخرين والتحريض عليهم، وترى أن الاختلاف في وجهات النظر يعدّ مبررًا كافيًا للهجوم عليهم.. ولسنا ببعيد عن الحملة التي أدارها البعض ضد أحد أهم رموز الإعلام الرياضي الأستاذ/ وليد الفراج قبل أشهر عدة بهدف إيقافه، أو تعطيل مسيرته الإعلامية!! ونحمد الله أنّ لدينا قادة لا يمكن أن يسمحوا للغوغاء بالتأثير على مسيرة هذا الوطن.
* إن أكثر ما يؤثر على وسطنا الرياضي، خاصة في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، هو إخراج المواضيع من سياقاتها الطبيعية، والبحث عن أدلّة إدانة لكل من لا يروق لنا طرحه، رغم أن الأمور قد تبدو بسيطة، وليست بذلك التعقيد!!
* أتمنى حقيقةً أن يعي البعض أن كرة القدم لا يجب أن تأخذ هذا البُعد في تفاعلنا مع الأحداث، وأن يقلعوا عن هذه الأساليب المُنفّرة والعادات السيئة.. كرة القدم جميلة بتشويقها وإثارتها، أما تحوير المقاصد وشيطنة الآخر فليسا من الأخلاق الرياضية في شيء.. الخلافات أو الاختلافات ستحدث، وهي شرٌ لا بد منه، على أن لا تتجاوز حدود الأدب والذوق العام، ودون التعرض للثوابت والقيم الدينية والأخلاقية التي نشأنا عليها كأبناء لهذا البلد الطاهر.
* في هذه الأيام المباركة أسأل الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد أن يعينكم ولا يعين عليكم.. وينصركم ولا ينصر عليكم.. ويمكر لكم ولا يمكر عليكم.. ويهديكم وييسر الهدى إليكم.. وينصركم على مَن بغى عليكم.. وأسأله أن يجعلنا وإياكم ووالدينا والمسلمين من عتقائه من النار.