رمضان جريدي العنزي
السعودة الوهمية أفرزت لنا خاملين وكسالى بلا خبرات تراكمية، ولا قدرات، ولا مهارات. منذ سنين طويلة وهذه السعودة مجرد بريق أرقام واهمة، خادعة، وليست حقيقية. تحايل كبير، ولعب غامض، وسلسلة مراوغات طويلة، واستغلال لقوانين السعودة والتوطين، غش مهني، بطرق وأساليب متعددة ومغايرة. إن السعودة الوهمية قتلت شبابنا، ووأدت فيهم روح الجدية والمثابرة؛ فلا هم تمكنوا من العمل، ولا أُتيحت لهم الفرص لإثبات الذات.. خدرتهم الشركات والمؤسسات اللامسؤولة طويلاً، وأضاعت أوقاتهم، وهدمت مستقبلهم المهني، وفق كلام معسول، وحلاوة مواعيد كاذبة، ومارست معهم التجاهل والخداع والتزييف، وتم خداع بعض المسؤولين في الدولة والمعنيين في هذا الشأن بصنع وظائف وهمية، ليست معاشة، وليست على أرض الواقع، ومجافية للحقيقة. لقد دأب البعض من الشركات على تعيين الوهمي بصورة غير نظامية لأغراض تجاوُز متطلبات برنامج نطاقات. إن هذه السلوكيات قد أحدثت شرخًا كبيرًا وغائرًا في جسد السعودة العليل أصلاً. لقد كبر التحايل، ونما في مجال السعودة، وأصبح المستفيد الأول والأخير من هذه المخادعة والحيل هو (الوافد) الذي ينعم بخيرات البلد ويرتع، وفق التواءات وعبث ولعب ودسائس، بعضها مكشوف، وبعضها الآخر مخفي، بينما (السعودي) مجرد رقم هامشي وضئيل، بالكاد يُرى في هذه اللعبة العتيقة الغامضة. لقد أضرت السعودة الوهمية بشبابنا كثيرًا، وأضرت باقتصاد البلد، ولها تأثير قوي وفعال على التنمية المستدامة. إن أغلب الدراسات في مجال السعودة أشارت إلى أن التقدم في الإحلال والتوطين لم يتحقق بعد رغم السنوات الطوال، ورغم الإجراءات الكثيرة المتعلقة بهذا الأمر, إن العالم الناجح يعتمد اعتمادًا كليًّا على الأيدي العاملة الوطنية، ويستمد قوته من قوة القوى الوطنية العاملة التي تتسم بقدر عال من الحراك والتفاعل والعمل. إن إصلاح سوق العمل يجب أن يكون أولوية قصوى، وفق ضوابط واشتراطات جديدة، قوية وضاربة، وتشريعات حمائية تحمي المواطن من الشركات والمؤسسات المتلاعبة؛ لكي نحافظ على توطين حقيقي بعيدًا عن الحيل والدسائس. يجب أن نحل أزمة السعودة القائمة منذ سنوات طوال، التي ظلت تراوح مكانها الوقت الطويل. إننا نمر بوقت عصيب وفترة حرجة، وعلينا لكي نتجنب الأسوأ أن نسرع عملية التوطين والإحلال بعجلة لا تتوقف ولا تهدأ. إننا بحاجة إلى وضع رؤية واضحة، تحل أزمة البطالة، وتكون حائلاً ومانعًامن استفحالها. إننا بحاجة إلى جهود جبارة لمواجهة هذه المشكلة المعضلة من جوانب عدة. والحل الأمثل والأسرع هو البحث عن تحالفات ما بين رجال الأعمال والعمالة الوطنية وفق ثقة عالية بين الطرفين، بأنه لا يحك جلدك مثل ظفرك. وكذلك القضاء على (التستر) الذي يريد أن ينخر بنا حتى يحولنا إلى مومياوات. إن على الجميع أن يعي أننا نمرّ بمرحلة حرجة، يجب أن تتضافر فيها كل الجهود، وأن يتحمل الجميع المسؤولية بكل تداعياتها بعيدًا عن الأنانية والتفرد والتوحد؛ لكي نعبر النفق بثقة عالية، وعمل جليل.