هدى الشريف
بينما يقف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ليصدم العالم بكلماته التي وجهها لشعبه حين أعلن «استعدوا لفقد أحبائكم»، يخرج زعيم الأمة الملك سلمان بن عبدالعزيز مطمئناً شعبه والمقيمين على أرض المملكة، معلناً أننا سنتجاوز تلك الأزمة، ومؤكداً أن المحافظة على صحة الإنسان في طليعة اهتمامات الدولة ومقدمة أولوياتها. فبينما تعالت صرخات الشعوب حول العالم من خذلان قاداتهم، يسجل التاريخ بحروف من ذهب كلمة قائد الأمة العربية والإسلامية، أن الإنسان أولاً.
منذ الكشف عن فيروس كورونا في ديسمبر الماضي، اتخذت المملكة منحًى مغايراً للعديد من الدول، حيث تعاملت بشكل جدي مع هذه الأزمة؛ استشعاراً لمسئوليتها العظمى تجاه مواطنيها والمقيمين على أرضها، إضافة إلى كونها قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم، ما استدعى اتخاذها خطوات استباقية لحماية البلاد والزائرين، فعلقت العمرة والحج لمكة المكرمة للمسلمين في بقاع الأرض كافة، وكان لذلك الإجراء الأثر الكبير في منع تفشي المرض على أرضها وبين المواطنين والمقيمين والزائرين.
فبينما تهاون رؤساء العالم في الاستجابة السريعة للفيروس التاجي واتخاذ خطوات جدية لوقف انتشاره، نجد أن المملكة قلبت الموازين واعتمدت الإجراءات الاستباقية لمنع انتشار فيروس كورونا، حيث اتخذت قرارات حاسمة وسريعة، كما استنفرت قطاعات الدولة كافة، وعلقت الرحلات الدولية من وإلى السعودية، وأوقفت المدارس والجامعات والعمل في جميع الدوائر والشركات ما عدا الصحة والأمن والجهات الأخرى المستثناة، مما ساهم بالقدر الكبير في منع تفشي الوباء.
وبينما حاول المشككون التشكيك بتلك الإجراءات، خاصة منع الزيارة والحج إلا أن تلك الإجراءات التي اتخذت كانت خطوات حاسمة وضرورية لحماية المسلمين والمقدسات الإسلامية من ذلك الوباء، كما أثبتت المملكة للعالم أنها قيادة حكيمة ذات قدرة عالية وبُعد نظر، حيث أدارت الأزمة بامتياز في حين فشل الآخرون.
إن استجابة السعودية القوية لجائحة COVID-19 وسرعة احتوائها للأزمة يثبت مدى جاهزيتها وقدرتها على مواجهة الأزمات الطارئة، حيث وضعت خطة تضافرت فيها كل الجهود للقطاعات كافة بتناغمٍ تام، في حين نجد أن حكومات الدول وقفت عاجزة أمام صدمة تفشي الجائحة، مما جعل حكومة المملكة مثار إعجاب العالم، حيث أشادت الصحف الغربية بسرعة استجابة المملكة لوباء الفيروس التاجي.
وقد قامت حكومة المملكة باعتماد حزمة من الإجراءات التحفيزية للتخفيف من الآثار المحتملة لانتشار فيروس كورونا، من ضمنها إعفاء المقيمين من الرسوم، التمديد لتأشيرات الخروج والعودة مجاناً لمدة ثلاثة أشهر، وتأجيل مدفوعات الرسوم للقطاع الخاص، واستمرار صرف الرواتب لجميع الموظفين وغيرها من الإجراءات.
المدير العام لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، الدكتور تيدروس أدهانوم جبريسوس شكر الملك سلمان على حسابه في تويتر قائلاً: شكراً جزيلاً، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لقيادتك والتزامك بضمان حصول الجميع على الخدمات الصحية اللازمة لمحاربة COVID-19. آمل أن تحذو دول أخرى حذوكم، منوهاً بأن هذا ما يعنيه مصطلح «الصحة للجميع».
وإن تلك التعاملات الإنسانية الراقية والنابعة من تعاليم ديننا الحنيف التي اتخذها الملك سلمان تجاه شعبه والمقيمين على أرض السعودية وحتى المخالفين لنظام الإقامة القانونية لهو موضع فخر واعتزاز أبهر العالم أجمع. فبينما تغنى الغرب طويلاً بحقوق الإنسان، كشفت جائحة كورونا زيف تلك الادعاءات الإنسانية.
ومع تفشي COVID-19 وفقدان السيطرة على انتشاره، حذر الخبراء من كارثة إنسانية وشيكة بسبب الخوف من ارتفاع الطلب على التموين وقلة المعروض مما سيؤدي حتماً إلى جشع التجار وزيادة الأسعار. فقد سارع الجميع تحسباً لتبعات هذه المرحلة إلى شراء المواد الاستهلاكية بكميات كبيرة كما خلت الأرفف من البضاعة بسبب الكم الكبير من الشراء، مما ساهم في رفع الأسعار بذات الهلع واستغل التجار تلك الفرصة لزيادة أرباحهم من تلك الأزمة، مما خلق أزمة أخرى بين الناس، حيث إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والضروريات الاستهلاكية أدى إلى زيادة الضغوط المادية على الأسر والأفراد. وسرت تلك المخاوف إلى الشعوب حتى تناقلت وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي المشاحنات بين المتسوقين في دول متقدمة كبريطانيا وأميركا من أجل تأمين الأساسيات.
في المقابل، نرى عكس هذه الصورة تماماً في المملكة -وبحمد الله-، حيث البضائع متوافرة بكميات كبيرة، والأسعار لم تتغير، فقد تابعت الجهات التنفيذية دورها الرقابي؛ تنفيذاً لتوجيهات الملك سلمان بتوفير الغذاء والاحتياجات الضرورية للمواطنين والمقيمين على أرض المملكة، وعدم التلاعب بالأسعار. مما كان له الأثر النفسي الإيجابي والشعور بالاطمئنان في ظل حكومة المملكة الرشيدة للمواطنين والمقيمين كافة على هذه الأرض المباركة، حتى أننا رأينا العديد من المقيمين في مملكة الخير والإنسانية من الغربيين ينقلون بكاميراتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، مشيدين باستقرار الغذاء والمواد التموينية وبأسعار رخيصة، ومشيدين بجهود الحكومة في استقرار الأمن والأمان للمقيمين كافة على أرضها. مما حدا كذلك بالسفير الأمريكي لدى السعودية جون أبي زيد بمطالبة الرعايا الأمريكيين بالبقاء في المملكة، مشيداً بخدمات الطوارئ والنظام الصحي الفعال وتوافر الغذاء.
إن من أهم استراتيجيات نجاح إدارة الأزمات في الدول هو بث الطمأنينة في نفوس الشعوب. وهذا ما لمسناه منذ بدء الأزمة، حيث تضافرت جهود الحكومة بقطاعاتها كافة، وعملت كقوة موحدة لخلق الوعي ونشر المستجدات للسكان والمقيمين بكل شفافية خلال تلك الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم، فحرصت على إيصال المعلومات الضرورية والمهمة حول الأزمة وتوضيح الأمور كافة بشفافية لطمأنة السكان ومنع انتشار الذعر بينهم، انطلاقاً من توجيهات الملك سلمان، حيث حرص على مخاطبة شعبه والمقيمين على أرض المملكة بحقيقة الوضع بكل شفافية قائلاً: لهم «إننا نمر بمرحلة صعبة، ضمن ما يمر به العالم كله، إن المرحلة المقبلة ستكون أكثر صعوبة على المستوى العالمي لمواجهة هذا الانتشار السريع لهذه الجائحة».
وفي سياق مكافحة تفشي وباء كورونا في العالم، وفرت حكومة المملكة العلاج المجاني لجميع ساكني المملكة من مواطنين ومقيمين وحتى مخالفي الأنظمة، كما قامت بتوزيع الكمامات ومعقمات اليدين للجميع مجاناً، فلم تتوانَ المملكة في تقديم سبل الراحة كافة، وتوفير الرعاية الصحية والعلاج المجاني للجميع دون استثناء أو مفاضلة. كما وفرت مراكز العزل الصحي في فنادق خمس نجوم للمغتربين وللعائدين من خارج المملكة وللمخالطين للمصابين، فبينما يعاني سكان الدول الأخرى من خذلان حكوماتهم تقف حكومة المملكة لتقدم لهم دروساً وعبراً للتاريخ حول مفهوم الإنسانية وحقوق الإنسان ليعيد للغرب صياغتها من جديد.